من سلمان رشدي إلى أنعام بيوض !
2024-07-20 09:00:00
<p dir="rtl">لم أقرأ بعد رواية "هوارية" للكاتبة والمترجمة السيدة أنعام بيوض التي فازت بجائزة "أسيا جبار" من أيام قليلة باستثناءات بعد الفقرات التي وصلتني من بعض الأصدقاء على الخاص، وسأفعل هذه الأيام ليكون لي رأيي الخاص في الموضوع<span class="Apple-converted-space"> </span>بعيدا عن الضوضاء والغوغاء التي لم تتوقف عند النقد الأدبي والموضوعي للرواية سواء من حيث الأسلوب أو اللغة المستعملة، بل قادت عليها وعلى كاتبتها حملة تكفير وتخوين لا تقل ضراوة عن التي قادها المتأسلمون سنوات التسعينيات من القرن الماضي على الروائي البريطاني من أصل باكستاني سلمان رشدي عن كتابه " آيات شيطانية"، ولم يبق إلا أن ينصبوا المشنقة للكاتبة في ساحة الشهداء أو يضرمون النار فيها، بسبب خدشها حياء بعض الأتقياء الذين نصبوا أنفسهم حراسا للمعبد ولأخلاق المجتمع، بعدما حاربونا لعقود دفاعا عن الله وعن الدين واستهدفوا حرية الأفراد، المأساة التي انتهت بمئات الآلاف من الضحايا على يد الإرهاب الفكري والديني.</p> <p dir="rtl">صحيح أن بعض الفقرات التي وصلتني في الرواية استعملت فيها كاتبتها كلاما بذيئا، لكنني قرأت الكثير من مثل هذا الكلام على سبيل المثال، عند الروائي أمين الزاوي في روايته " La chambre de la vierge impur "، وأيضا عند الروائية فضيلة الفاروق، لكنني لم أر محاكمة للروائي عما جاء في روايته، فهل هذا لأن لغة الرواية بالفرنسي؟ ولم ينصب قراء فضيلة الفاروق لها المشنقة، فهل لأنها تكتب من بيروت حيث تعيش في مجتمع يحترم الفكر ويكفل الحرية للمفكرين؟</p> <p dir="rtl">ربما ما ضر هؤلاء، هو حيازة الرواية على جائزة "أسيا جبار" الأمر الذي أخرج المارد الذي في صدورهم، فراحوا يتفحصون صفحات الرواية حرفا حرفا، بهدف محاكمتها ثم إعدامها فكريا على الأقل، ومن ثم المطالبة بسحب الجائزة منها، وقد تجند ممثلوهم في البرلمان لهذا الغرض.</p> <p dir="rtl">لا أدافع هنا لا على الرواية ولا على صاحبتها التي لديها من الجرأة والشجاعة والأفكار ما يمكنها من خوض هذه المعركة بجدارة وقوة ولن تهزمها غوغاء أغلبها لم يقرأ صفحة في رواية طوال حياته، لكن هل لجنة التحكيم بهذه السذاجة لتمنح الجائزة لم لا يستحقها؟ وهل أعضاؤها لا يتحلون بالأخلاق التي جبل الجزائريون عليها ولا يحترمونها، ويتنكرون لهذا الوازع الأخلاقي ويرتكبون جرما كهذا؟</p> <p dir="rtl">الأكيد أن من حاكموا أنعام بيوض ومعها "هوارية"، لا يدرون أن محاكمة سلمان رشدي وآياته الشيطانية، كانوا سببا في نجاح روايته تجاريا وتصدرت قائمة مبيعات الكتب لسنوات، وهو ما سيحدث مع " هوارية" التي بدأ الكل يبحث عنها ويسارع لاقتنائها وقراءتها، قبل الحكم عليها، الأمر الذي سيعود بالنفع على الروائية وعلى "دار ميم" التي نشرتها، التي يبدو أنها تعاني من بعض الأزمات، فلعل الحملة الاشهارية المجانية التي قادها نقاد الفايسبوك للرواية ستؤدي إلى نجاح الرواية تجاريا وربما ستضطر لإعادة طبعها مرار، عكس ما كان يريده لها حكماء مواقع التواصل !</p> <p dir="rtl">ثم ليس كل وهرانية هوارية، وليس كل هوارية بنت هوى، فما عالجته الرواية من آفات اجتماعية موجود في كل مدن الجزائر، بل في كل مدن العالم بما فيها الأكثر تحفظا، أليست هذه أقدم مهنة في العالم !؟</p>
الكرة في مرمى ماكرون!
2025-02-03 18:00:00
<p dir="rtl">لم أفهم لماذا تم تركيز التعليقات على حوار الرئيس عبد المجيد تبون الذي أدلى به لصحيفة "لوبينيون" الفرنسية أمس حول قضية التطبيع مع إسرائيل، عندما قال "أن الجزائر ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها بإسرائيل في اليوم ذاته الذي تقوم فيه دولة فلسطينية"، حيث فسره البعض على أنه تحول ملفت في الموقف الجزائري حول التطبيع، وراحت أغلب المواقع الإخبارية التي تحدثت عن الحوار تركز على هذه الجزئية من الحوار الطويل الذي تناول فيه الرئيس كل القضايا الوطنية والدولية التي تهم الجزائر وخاصة التوترات في العلاقات مع فرنسا ماكرون.</p> <p dir="rtl">وفي الحقيقة ليست المرة الأولى التي يدلي فيها الرئيس تبون بهذا التصريح، فقد سبق وقال هذا الكلام في حوارات سابقة، وهو الموقف الثابت للجزائر التي ربطت دوما تطبيع العلاقة مع إسرائيل بشرط اعترافها وسماحها بقيام دولة فلسطين في حدود 1967، ودون ذلك لا اعتراف ولا تطبيع مع إسرائيل، مثلما قال الرئيس تبون في تصريح له من سنوات قليلة "أننا لن نهرول نحو التطبيع ولن تبارك الجزائر اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل ولن تكون جزءا منها، وأن موقف الجزائر ثابت من القضية الفلسطينية".</p> <p dir="rtl">موقف الرئيس من هذه القضية ليس بجديد وهو موقف الدولة الجزائرية بكل مؤسساتها منذ الاستقلال، ومنذ كل النزاعات العربية مع الكيان، وعليه فإن محاولة إخراج تصريحات <span class="Apple-converted-space"> </span>الرئيس من سياقها وتفسيرها على أنه تحول في الموقف الجزائري من الكيان لا تلزم إلا أصحابها.</p> <p dir="rtl">المؤسف من هذه القراءات هو القصور الإعلامي لأصحابها، لأنها اهتمت بمسالة التطبيع أكثر من اهتمامها بالملفات الأخرى التي طرحها الرئيس في الحوار خاصة بالنسبة لعلاقاتنا مع فرنسا التي لأول مرة يتحدث عنها بصراحة مباشرة، والتي قال عنها الرئيس أن الكرة في مرماها، واتهم وزير داخليتها بمحاولة طرد مؤثر وملاحقة نشطاء جزائريين على التواصل الاجتماعي بينما تحمي مجرمين ومخربين وتمنحهم الجنسية وحق اللجوء محذرا ماكرون من السقوط فيما أسماه "افتراق غير قابل للإصلاح"، كما اتهم تصريحات اليمين المتطرف في فرنسا بخلق جو سام، وغيرها من المسائل التي عقدت الخلاف مع باريس ومنها ملف الذاكرة الذي يبقى نقطة سوداء في تاريخ فرنسا وعقبة في طريق تحسين العلاقات معها ما لم يسو نهائيا باعتراف واعتذار.</p> <p dir="rtl">الحوار جاء شاملا وصريحا ووضع النقاط على الحروف في كل القضايا، وحمل رسائل مشفرة لكل من يفسر مواقف الجزائر بالنسبة لفرنسا والمغرب ودول الساحل على أنها عزلت الجزائر في محيطها، فقد قالها الرئيس صراحة أنها مزاعم بعض السياسيين الفرنسيين والقول بأن الجزائر معزولة تضحكنا.</p> <p dir="rtl">ولم ينس أن يوجه من جهة أخرى سهاما لمن يتهموننا بأننا أتباع لروسيا، عندما قال أن الجزائر رفضت وجود قوات مرتزقة على حدودها وأبلغت روسيا بذلك، كما تطرق للخلاف مع السلطات الحالية في مالي وأنها لا تدعم الجماعات الإرهابية في مالي مثلما تدعي السلطات الانقلابية هناك، مثلما فضح سياسة الكيل بمكيالين الغربية في قضية دعم أوكرانيا وصمتها على المجازر في غزة.</p>
زواج يهودي وطلاق عربي اسلامي
2025-02-03 11:54:00
<h2>عملت زعيمة حزب "التجمع الوطني" في فرنسا، مارين لوبان، على مدى سنوات طويلة على تنفيذ واحدة من أبرز عمليات إعادة تشكيل الهوية السياسية في العالم الغربي، حيث نجحت في تحويل حزب متطرف هامشي أسسه والدها، جان ماري لوبان، إلى قوة سياسية رئيسية في فرنسا.</h2> <p>وقامت مارين لوبان في مناسبات عديدة بمكافحة الاتهامات بمعاداة المهاجرين والأجانب والعولمة والسامية والعنصرية، وأكدت على تغيير مواقف حزبها، لكنها ناورت بشكل فعال لجذب الناخبين الغاضبين من السياسات الحالية ومن موجات الهجرة والتحولات الاجتماعية في فرنسا.</p> <p>فمنذ أن تسلمت مارين لوبان رئاسة الجبهة الوطنية سنة 2011، بعد انقلاب عائلي وحزبي على والدها، كانت دائما ما تبدت رغبتها القوية في أن يتم استقبالها في إسرائيل. ومن أجل ذلك، استبعد الحزب مسؤولين ينتمون إلى مجموعة "لوفر فرانسيز"، الحركة القومية الفرنسية التي حلتها السلطات الفرنسية 2013، وبينهم "إيفان بينيديتي" الذي كان يصف نفسه بأنه "معاد للصهيونية والسامية واليهود".</p> <p>وفي صيف 2014، اتخذت مارين لوبان موقفا مؤيدا لرابطة الدفاع اليهودية، وأقدمت سنة 2015 على إقصاء والدها عن الحزب الذي ورثته منه، بعد إدلائه بتصريحات حول محرقة اليهود أثارت جدلا جدلا كبيرا حينها.</p> <p>التخلص من عقيدة معاداة اليهود في فكر اليمين المتطرف الفرنسي، دفع بمارين لوبان إلى أن ترفع سقف الخصومة مع والدها إلى درجة عالية من الحدة، حيث أقدمت على اتخاذ إجراء تأديبي في حق جان ماري لوبان، مؤسس الحزب، وأجبرته على اعتزال السياسة بعد تصريحاته بخصوص" غرف الغاز" اليهودية التي أقامها النازيون في الحرب العالمية الثانية. وكان جان ماري لوبان قد ذكر، في عدة تصريحات العالمية حول "غرف الغاز" والمحرقة اليهودية بأنها مجرد "تفصيل" في تاريخ الحرب العالمية الثانية، وبقي جان ماري لوبان متشبثا بشأن تصريحاته بخصوص اليهود.</p> <p>وفي سبيل التقرب من نفود اليهود في المجتمع الفرنسي، وتقديم عدو مشترك لهما، تقول مارين لوبان أنها لن تسمح بمعاداة السامية في حزبها، وأن المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية "يخطئ في تحديد عدوه منذ سنوات"، معتبرة أن "التيار الإسلامي" بات العدو الأول، مع أن الجبهة الوطنية اعتبرت الإسلام لوقت طويل وحتى الثمانينيات والتسعينيات حليفا ضد "النظام الأمريكي الصهيوني". كما اقترحت سنة 2018 تغيير تسمية حزب والدها من الجبهة الوطنية إلى التجمع الوطني،</p> <p>في مقابل ذلك، سعت لوبان على مدى سنوات إلى التأكيد على محورين أساسيين يقتصر عليهما مستقبل العلاقات الفرنسية العربية، ويخصان التعاون ضد التطرف والإرهاب والتعاون لمنع المهاجرين العرب وغير العرب من الوصول بشكل أو بآخر إلى فرنسا مقابل مساعدات تقدم للبلدان العربية، وهو ما أكدت عليه خلال زيارتين إلى مصر ولبنان منذ مدة، وهي تدرك تمام الإدراك أن التقرب من اليهود، ولو بزواج متعة أنفع لها ولحزبها المتطرف بمحو الصورة النمطية عن كرهم لليهود، وتحقيق "نجاحات" أخرى في السيطرة على سلطة القرار الفرنسي، ولو تم ذلك بطلاق بينونة كبرى مع العرب والمسلمين، وغيرهم من الأجانب.</p> <p> </p> <p> </p> <p>لزهر فضيل</p>