كييف تسير على خطى باريس في إفريقيا

2025-06-29 20:08:00

<h3>منذ اندلاع الحرب الأوكرانية ضد روسيا في فيفري 2022، برزت أفريقيا بشكل مفاجئ كمنطقة محورية في السياسة الخارجية الأوكرانية. فبعد خمسة أشهر فقط من بدء الحرب، عيّنت كييف ممثلًا خاصًا لأفريقيا والشرق الأوسط. وبعد ثلاثة أشهر، قام وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا &ndash; الذي أُقيل من منصبه العام الماضي &ndash; بأول زيارة للقارة الأفريقية منذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود.</h3> <p>&nbsp;</p> <p>شملت تلك الجولة الأولى كلًا من كينيا والسنغال، اللتين تربطهما علاقات دبلوماسية مع أوكرانيا، بالإضافة إلى ساحل العاج وغانا، حيث تم إنشاء علاقات دبلوماسية حديثة معهما.</p> <p>&nbsp;</p> <p>تلا هذه الجولة ثلاث زيارات أخرى قام بها كوليبا إلى القارة، ليصل مجموع زياراته إلى أربع جولات شملت اثنتي عشرة دولة، كان آخرها في يوليو الماضي، حيث زار مالاوي وزامبيا، وهما دولتان وقّعتا على مبادئ السلام الداعمة لأوكرانيا في جوان العام الماضي، بالإضافة إلى موريشيوس. هذا الاهتمام الدبلوماسي المفاجئ والمتسارع تُوج في جويلية العام الماضي بإعلان كييف تقديم كل المعلومات اللازمة للحركات المسلحة في افريقيا ومنها الجماعات المناوئة للحكومة المالية لمواجهة الجيش المالي، وهي المواجهات التي أسفرت مؤخرا عن مقتل اكثر من ١٠٠ جندياً مالياً في الصراع الدائر في البلاد .</p> <p>&nbsp;</p> <p>وبحسب التقارير والتصريحات الرسمية الصادرة من جهات معنية بملف الامن في المنطقة، إتضح ان كييف لم تكن تنوي لتعزيز علاقاتها الإقتصادية في القارة السمراء، بل كانت تسعى للترويج لخبراتها وعتادها العسكري لدى الجماعات المتمردة والإرهابية في المنطقة مستغلتاً سفاراتها في عدد من الدول الأفريقية لتحقيق هذا الغرض.</p> <p>&nbsp;</p> <p>. حيث أكدت التقارير أن اوكرانيا تتبع النهجي الفرنسي ذاته وتقوم بنقل العتاد والخبراء الاوكران من خلال سفارتهم في نواكشوط وبعض الدول الافريقية الاخرى ويتم نقلهم عبر الحدود الى مالي حيث تتواحد الجماعات المتمردة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>في هذا السياق قال مراقبون ، إن دعم كييف للمجموعات المسلحة في مالي يعكس نمطاً خطيراً من التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية الأفريقية، مشيراً إلى أن &ldquo;مشاركة موريتانيا في هذا الملف، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يفتح عليها باب أزمة دبلوماسية وأخلاقية حقيقية مع دول الجوار".</p> <p>&nbsp;</p> <p>وأكدوا أن كييف تخوض معارك بالوكالة في أفريقيا، مستغلة فوضى الساحل لتوسيع نفوذها وتحقيق مصالح مرتبطة بدعم غربي غير مباشر. وأضاف: "النظام الأوكراني مهدد داخلياً، لكن تدخله في المنطقة يترك أثراً طويل الأمد قد لا يُمحى بسهولة من ذاكرة الشعوب والدول المتضررة".</p> <p>&nbsp;</p> <p>الجدير بالذكر أن موريتانيا ومالي إتفقتا في عام 2022 على تسيير دوريات مشتركة لتأمين الحدود، إلا أن موريتانيا لم تُنفذ هذه الإتفاقية وإنخرطت ورأء الأعيب السياسة الأوكرانية وسهلت مرور السلاح والمرتزقة إلى الجماعات المتمردة في مالي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>وبعد أن ألمحت السلطات في مالي بصورة رسمية إلى تورط موريتانيا في تسهيل نشاط الجماعات المسلحة، بدعم وتنسيق مباشر مع أوكرانيا، قررت موريتانيا أن تُكثف في الآونة الأخيرة من دورياتها الأمنية على الحدود مع مالي. وقد أُرجع خبراء أمنيون هذا التحرك السريع إلى رغبة نواكشوط في نفي ضلوعها في أي تنسيق ميداني مع الجماعات المسلحة المدعومة أوكرانياً ومحاولة إلى تفنيد الشبهات المتصاعدة وتفادي أي أزمات دبلوماسية وأمنية مع دول الجوار تمتد تداعياتها دولياَ.</p> <p>&nbsp;</p> <p>ووفقاً للخبراء والمطلعين على الوضع السياسي والامني فإن تعاون موريتانيا مع أوكرانيا قد دفعها إلى مأزق دبلوماسي عميق، حيث تهدد هذه الخطوة بقطع جسور الثقة مع دول الساحل، خاصة مالي التي تتهم نواكشوط بدعم تمردها. وإذا استمر هذا المسار، فقد تواجه موريتانيا عزلة إقليمية وتداعيات أمنية يصعب احتواؤها، في وقت لا تزال فيه المنطقة تعاني من هشاشة سياسية وأمنية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية: محمد صادق اسماعيل</p>