إيمان خليف وحدها تهزم الغرب وتكشف وجهه العنصري

2024-08-11 09:30:00

banner

<p dir="rtl">&nbsp;إيمان خليف حفيدة فاطمة نسومر (جان دارك جرجرة) كما وصفها الاحتلال الفرنسي الغاشم &nbsp;إيمان تلك &nbsp;الجزائرية التي كسرت جدار الصمت وكشفت &nbsp;بعفوية هادئة وأنوثة ساحرة &nbsp;عن عبقرية لا مثيل لها لإمرأة &nbsp;جزائرية قوية .عضلاتها &nbsp;من فلاذ وعقلها من ألماز فتاة بسيطة &nbsp;أظهرت للرجل الأبيض بتلقائية نبيلة عن &nbsp;ثقافتها الموسعية وفصاحتها البالغة في اللغة الإنكليزية والفرنسية فتاة &nbsp; نزلت أرض &nbsp;باريس (عاصفة الانوار) &nbsp;كي تشارك عرس الألعاب الأولمبية كأي بنت كان الحظ حليفها &nbsp;فاستطاعت بفضل إرادتها الصلبة ومجهوداتها الكبيرة أن تصل إلى هذه المرتبة وتمثل بلدها أحسن تمثيل &nbsp;لكنها صدمت (un choc ) بواقع مرير ومهتز &nbsp;ومعها &nbsp;العالم جميعا &nbsp;فوجئت بعالم قبيح وغير سوي &nbsp;يعبر &nbsp;عن حقد تاريخي أوربي &nbsp;دفين وقديم جدا &nbsp;كنا نظن أنه تخلص منه وإنتهى من &nbsp;علاج شيزوفرانيته (Schizophr&eacute;nie) &nbsp;لكننا كشفنا &nbsp;أنه &nbsp;لايزال &nbsp; حبيس ثقافة دنيئة &nbsp;ضد الجمال والجلال بالمفهوم الفلسفي الكانطي عالم سيئ &nbsp;مازال ينظر &nbsp;الى المستعمرات القديمة &nbsp;بعين &nbsp;الإمبريالية والكبر &nbsp;و بجدلية (الإستعلاء والدونية &nbsp;)وأنها &nbsp;مجرد أمم تابعة جاهلة &nbsp;ليست إلا &nbsp;قطيعا غير بشري &nbsp;بلا عقل. تجمعات بشرية بائسة &nbsp;لا تستحق التطور ولا &nbsp;تصلح إلا للإستعمار colonisation والقهر Oppression والذل والإستغلال &nbsp;(الأنا والأنا الأخر)إنه عالم موحش &nbsp;لم يتغير ولا يريد أن يهجر جلده . بقي ثابتا على فكره &nbsp; الكولونيالي القديم وإديولوجيته الفاسدة . أوروبا الأمس هي أوربا اليوم &nbsp; لم تغيرها الثورات الكبرى &nbsp;( لا الثورة الفرنسية 1789 - 1799 ولا الإنتفاضات السارترية المتمردة والثائرة ضد الاستبداد (Jean-Paul Sartre) ولا تعلمت أيضا &nbsp;من دروس ومحاضرات &nbsp;الأديب والفيلسوف الفرنسي بول فاليري (Paul val&eacute;ry ) &nbsp;ولا روسوا &nbsp;ولا &nbsp;عن &nbsp;كانط . &nbsp; أو ديكارت أو جاك دريدا &nbsp;أو سقراط &nbsp;أو &nbsp; أفلاطون وغيرهم كثر &nbsp;خلد التاريخ اسماءهم.ولا &nbsp; تأثرت أيضا بتاريخ اليونان وفكره. &nbsp;اليونان &nbsp; تلك الأمة &nbsp; التي أسست للحضارات الإنسانية الحديثة والقديمة لكنها &nbsp;لم تكن جاحدة مثل أوروبا &nbsp;وإعترفت &nbsp;وبشجاعة تاريخية أنها أخذت من الحضارات الشرقية المختلفة في آسيا وأفريقيا وعدت &nbsp;نفسها تلميذة صغيرة مطيعة &nbsp;لهم. &nbsp; يبدو ان أوربا الحديثة أوربا التحرر والإنسانية &nbsp;أوروبا المساواة &nbsp;والأخوة والديموقراطية" Libert&eacute;, &Eacute;galit&eacute;, "Fraternit&eacute; &nbsp;هي &nbsp;مجرد كذبة واهمة &nbsp;وواهية وفارغة من أي وعاء إبستمولوجي أوربا &nbsp; لم تخرج من العصور &nbsp;الوسطى المظلمة ومازالت قابعة في الظلام و لم &nbsp; تتأثر &nbsp; بالجرح الميتافيزيقي أو &nbsp;ما يسمى ( الثورة الكوبرنيكية) كوبرنيكوسNicolas Copernic أحد أعظم &nbsp;أبطال العقل الجمعي الأوروبي والعالمي الذي كتب &nbsp;على تمثاله &laquo;الرجل الذي حرك الأرض&raquo; تلك الثورة .التي فجرت الحداثة. أوروبا فضحت نفسها بصوت عال واثبتت انها &nbsp;عالم &nbsp;مخيف و وسخ عالم &nbsp;مدجج بالعنصرية والحقد والجهل &nbsp;عالم يسبح &nbsp;في وحل الشيفونية والإستبداد عالم متعطش للإنتهاك كرامة الأنسان وعرضه عالم &nbsp;لم يغير إدارته الإستعمارية الفاشية &nbsp;وبقي متشبثا بها &nbsp;. &nbsp;ممقوت odieux لا يتعلم من التاريخ ولا يستفيد من خباراته وتجاربه . مفترس &nbsp;pr&eacute;dateur لا يعرف أن (أشرف ما في الإنسان فكره وأن قائد الأفكار لأعظم &nbsp;من قائد الجيوش ) طه حسين. &nbsp;فكل من لا يشبههم &nbsp;يسحقون وجوده المادي والمعنوي ويسحقون ذاكرته التاريخية والفكرية &nbsp;ويرمونه في معدة الفناء &nbsp;و يخفونه إخفاءا لكن هذا العداء وللأسف الشديد لم يتوقف عند أوربا فقط بل &nbsp;تخطاها وتجاوزها &nbsp;إلى &nbsp;بلدان &nbsp;أخرى بعيدة &nbsp;كنا نحسبها صديقة &nbsp;.ليس غريبا أن يأتيك الغدر &nbsp;من بلد حاقد مثل فرنسا لأننا نعرفها جيدا &nbsp; ونحن متعودين &nbsp;على &nbsp;حماقاتها السياسية وخرجاتها الطفيلية الساذجة لكن المدهش &nbsp;و المؤسف والعجيب و الغريب &nbsp; أن يأتيك الغدر &nbsp;من &nbsp;عند من &nbsp;كنت &nbsp;تظنه &nbsp;صديقا حميما &nbsp;ستلجأ إليه في الصعاب والمحن ولكن كما قال أسلافنا &nbsp;الكفر ملة واحدة إنه &nbsp;الحليف التقليدي للجزائر (روسيا ) &nbsp;الذي &nbsp;تطاول&nbsp;</p> <p dir="rtl">&nbsp;ممثلها &nbsp;الدبلوماسي &nbsp;ورمى سهامه المسمومة دون تردد ولا تراجع سهام مصرة على القذف والموت سهام &nbsp;مفترسة &nbsp; تحمل &nbsp;في فوقتها &nbsp; إتهامات &nbsp;خطيرة وغير مسؤولة للملاكمة الجزائرية إبنة تيارت الجزائرية( تيهرت ) عاصمة الدولة الرستمية قديما &nbsp;.روسيا الوهم &nbsp;تجاوزات الصداقة وخانت العهد والصحبة &nbsp;و كشفت عن &nbsp;وجهها &nbsp; الخفي والحقيقي &nbsp;فسقط قناعها &nbsp; &nbsp;روسيا (الصديق العدو) شكك ممثلها غير &nbsp;دبلوماسي &nbsp; في أنوثة الآنسة إيمان &nbsp;خليف &nbsp;معللا &nbsp;بذلك بتقرير الاتحاد الدولي للملاكمة الذي يشن هو الأخر &nbsp; حربا &nbsp;ضروس وغير أخلاقية &nbsp;كلها كذب &nbsp; وبهتان ضد &nbsp;بطلتنا الجميلة إيمان خليفة</p> <p dir="rtl">&nbsp;لكن الرد الجزائري كان فوريا &nbsp;و قويا و لم ينتظر &nbsp;طويلا &nbsp;حيث رد الممثل الدبلوماسي &nbsp;الجزائر ي ردا &nbsp;افحمه .ردا كان بمثابة &nbsp;وكزة موجعة وكزته &nbsp;فقضت عليه &nbsp; ردا في مقام رجل &nbsp; وقف &nbsp;بكل ثقة &nbsp;وثبات و بكل جزائرية &nbsp; ذكرته &nbsp;أن &nbsp;الملاكمة الشجاعة البطلة ، الآنسة إيمان خليف ولدت أنثى و مارست الرياضة كامرأة ولا يوجد أدنى شك حول &nbsp;أنوثتها وأن هذا التصريح &nbsp;العدائي المقيت &nbsp; يحمل &nbsp;أجندة سياسية لا ندري مقاصدها وأضاف قائلا: أكتفي بإحالة الجميع إلى اللجنة الأولمبية الدولية نفسها والتي بكامل الوضوح وبشهادتها تقصم ظهر كل مشكك في بطلتنا الشجاعة الآبية، حفيدة النساء الجزائريات الحرائر.<br />لكننا نقول وبحب كبير اننا جميعا نحن الجزائرين إيمان خليف ونقول &nbsp;لكل من أحبها وشجعها &nbsp;ووقف جنبها مد افعا عنها من غير الجزائريين شكرا بحجم الجزائر شكرا بحجم الكون وفي الأخير &nbsp;نقول لإبنتنا البطلة إيمان انت الذهب وانت المرجان ونحن نحبك جميعا&nbsp;<br />(لكي تجني من الوجود أسمى ما فيه عش في خطر ) نيتشه.</p> <p dir="rtl">باريس:صلاح الدين مرزوقي</p> <div class="html-div xdj266r x11i5rnm xat24cr x1mh8g0r xexx8yu x4uap5 x18d9i69 xkhd6sd x1h91t0o xkh2ocl x78zum5 xdt5ytf x13a6bvl x193iq5w x1iyjqo2 x1eb86dx" role="presentation">&nbsp;</div> <p dir="rtl">&nbsp;</p>

العلامات رأي

المجتمع المدني الجزائري بين التمكين والتعبئة الاستراتيجية

2025-07-08 21:15:00

banner

<p><strong>في ظرف وطني وإقليمي دقيق، يعيش فيه المجتمع المدني تحولات نوعية بين ضغط التحديات وانتظارات الدولة، جاء تنظيم كل من الجامعة الصيفية للمجتمع المدني ومهرجان المرأة الصحراوية... ذاكرة، هوية ونضال تحت إشراف المرصد الوطني للمجتمع المدني، ليؤكد أن الفعل الجمعوي في الجزائر لم يعد هامشيًا، بل بات جزءًا أصيلاً من الرؤية الاستراتيجية للدولة في تمتين الجبهة الداخلية وبناء الدبلوماسية الشعبية الناعمة.</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>أولاً: الجامعة الصيفية... تكوين الأدوار وإعادة هندسة الوظائف الجمعوية</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p>لقد مثلت الجامعة الصيفية، المنظمة عبر ثلاث محطات ساحلية، لحظة تأطيرية بامتياز لفواعل المجتمع المدني، بما حملته من تنوع في الفئات (جمعيات، مؤثرون، أساتذة جامعيون، إعلاميون...)، وتعدد في المضامين التكوينية والورشات التطبيقية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>من التنشيط إلى التمكين:</strong></p> <p>أظهرت هذه المبادرة أن الدولة انتقلت من التعامل مع الجمعيات كفاعل موسمي إلى التعويل عليها كركيزة في مواجهة تحديات السيادة، والمواطنة الرقمية، والوقاية من التهديدات الاجتماعية والثقافية.</p> <p>. التمكين هنا لم يكن فقط معرفيًا بل استراتيجيًا، بتوسيع مجالات الفعل المدني وربطه بالتحديات الكبرى للأمة.</p> <p>المجتمع المدني كفاعل في الأمن الثقافي:</p> <p>لقد تم الاشتغال بذكاء على موضوعات "الذاكرة الوطنية"، و"حروب الجيل الخامس"، و"تزييف التاريخ"، بما يجعل من المجتمع المدني حاجزًا رمزيًا في مواجهة الاختراقات السردية، لا سيما من قبل المنظومات المعادية التي تحاول تفكيك التماسك الوطني من الداخل.</p> <p>. المرأة والمشاركة الحقيقية:</p> <p>أحد أوجه القوة في هذه الجامعة هو التركيز على دور المرأة في التنمية وصنع القرار، ليس فقط كشعار بل كمحور للنقاش والتفكير الاستراتيجي، ما يرسخ منظورًا جديدًا للنوع الاجتماعي داخل الحركة الجمعوية الجزائرية.</p> <p><strong>ثانيًا: مهرجان المرأة الصحراوي</strong>ة... حين تُصبح الثقافة وسيلة مرافعة جاء مهرجان "المرأة الصحراوية: ذاكرة، هوية ونضال"، في مستغانم، ليُظهر كيف يمكن للمجتمع المدني أن يتحول إلى أداة مرافعة ناعمة عن القضايا العادلة، في انسجام تام مع الثوابت السياسية للجزائر، وفي مقدمتها دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.</p> <p>المرأة الصحراوية كنموذج صمود: لقد تم إبراز دور المرأة الصحراوية في مسار التحرر، وفي بناء مؤسسات الدولة الصحراوية، ليس من منطلق إنساني فقط، بل كفاعل سياسي وحقوقي يملك شرعية التاريخ وراهنية الخطاب. وهذا يُعد توظيفًا استراتيجيًا للهُوية في بناء سردية بديلة للخطاب المخزني المهيمن.</p> <p>الثقافة كأداة مقاومة: من خلال المعارض الفنية، الورشات الإعلامية، والمهرجانات الخطابية، تم توظيف الثقافة كجبهة ناعمة في الصراع، وإيصال رسالة إلى الرأي العام الجزائري بأن القضية الصحراوية ليست فقط مسؤولية الدولة، بل هي مسؤولية الوعي الجمعي أيضًا.</p> <p>الجبهة الداخلية الممتدة: إن إشراك المجتمع المدني الصحراوي إلى جانب الجزائري، وبمرافقة شعبية واسعة، يؤسس لما يمكن تسميته بـ"الجبهة المدنية المغاربية"، حيث تتوحد الشعوب حول قيم المقاومة، والعدالة، والحرية.</p> <p><strong>ثالثًا: المرصد الوطني للمجتمع المدن</strong>ي... من الملاحظة إلى الفعل المؤسس إن ما يُحسب للمرصد الوطني للمجتمع المدني، تحت قيادة الدكتورة ابتسام حملاوي، هو قدرته على الانتقال من الدور الاستشاري إلى الدور التأطيري والتنسيقي، مع الالتزام بالرؤية الوطنية في بعدها الاستراتيجي.ث</p> <p>قد أصبحنا أمام مؤسسة وطنية تجمع بين: التأطير والتكوين التعبئة والمرافعة الوساطة بين الدولة والفاعلين المدنيين هذا التحول اعتقد أنه يعكس ثقة متزايدة من الدولة في نضج المجتمع المدني، ورغبة واضحة في خلق بيئة مدنية فاعلة، وآمنة، ومنتجة.</p> <p><strong>ختامًا</strong>: من لحظة تنظيمية إلى مسار دائم المبادرتان ليستا مجرد حدثين مناسباتيين، بل هما علامتان فارقتان في هندسة جديدة للفعل المدني في الجزائر، وفتح لمسارات بديلة لتثبيت الانتماء، وتعزيز الجاهزية المجتمعية، في ظل عالم متحول وسياقات إقليمية مضطربة.(...).</p> <p>فعلًا، نحن أمام مجتمع مدني جديد... مدني في روحه، ووطني في التزامه، واستراتيجي في أدواته. توصيات راهنية لتعزيز أدوار المجتمع المدني:</p> <p>مأسسة المتابعة والتقييم بعد الفعاليات الكبرى: ضرورة إنشاء آليات تقييم دوري لمخرجات الجامعة الصيفية والمهرجانات الموضوعاتية، لضمان الاستمرارية وتحويل التعبئة الظرفية إلى تأثير طويل المدى، سواء عبر تقارير دورية، أو وحدات تتبع داخل المرصد. خلق شبكات فكرية &ndash; ميدانية بين الفاعلين المدنيين والجامعيين:</p> <p>تشجيع إقامة شبكات بحثية وتكوينية تضم أساتذة الجامعات وفاعلين جمعويين، تعمل على إنتاج معرفة تطبيقية حول التحديات المجتمعية وتدعم اتخاذ القرار الجمعوي بناء على بيانات دقيقة.</p> <p>تعزيز مشاركة المجتمع المدني في مناطق الظل والجنوب الكبير: لضمان عدالة تمثيلية وفعلية، يُوصى بتوسيع الأنشطة التكوينية للمجتمع المدني نحو ولايات الجنوب والهضاب، ودمج الجمعيات الناشئة في مسارات التأطير والتمكين.</p> <p>إنشاء منصات وطنية للمرافعة الرقمية المدعومة علميًا: إطلاق منصات أو مجمعات محتوى رقمي توظف صناع المحتوى، بدعم أكاديمي وإشراف مؤسساتي، للدفاع عن القضايا الوطنية (مثل القضية الصحراوية، السيادة الغذائية، الذاكرة) باستخدام أدوات الميديا الحديثة. تشجيع البحث السوسيولوجي التطبيقي حول المجتمع المدني:</p> <p>إدراج مواضيع المجتمع المدني كأولويات الأمن الاجتماعي، والتنمية المستدامة، والهوية.</p> <p>ا.د ناجح مخلوف: أستاذ باحث في علم الاجتماع جامعة المسيلة ورئيس جمعية وطنية</p>

العلامات رأي

القمة الأمريكية الإفريقية لترامب... بين الغنم والغنيمة

2025-07-07 11:14:00

banner

<h3><strong>في الفترة من 9 إلى 11 جويلية الجاري، يستقبل البيت الأبيض رؤساء ليبيريا، غينيا بيساو، السنغال، موريتانيا والغابون. فهل هي دعوة أم استدعاء؟ الحراك الدبلوماسي لدونالد ترامب في افريقيا يبدو في خطواته الأولى، لكنه لا يخلو من رسائل واضحة.</strong></h3> <p>&nbsp;</p> <p>القمة الإفريقية المصغّرة، التي ستُعقد قريبا في العاصمة الأمريكية واشنطن، تأتي في سياق تحضيرات إدارة ترامب لقمة إفريقية&ndash;أمريكية أوسع مقرر تنظيمها في سبتمبر المقبل. لكن الأجندة تتجاوز هذا الموعد، إذ تدلّ المؤشرات إلى رغبة أمريكية حثيثة في إعادة ترتيب التوازنات في النصف الجنوبي للقارة الإفريقية.</p> <p>وليس الأمر مجرّد نزوة جديدة للرئيس ترامب، يحاول فيها تقمّص شخصية بسمارك. فالتفاصيل المرتبطة بهذا اللقاء، الذي سيجمع ترامب بخمسة رؤساء أفارقة، تثير أكثر من علامة استفهام. من جهة، جاء إلغاء دعوة ساحل العاج في اللحظة الأخيرة متزامنًا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية هناك. ويبدو أن واشنطن لا تفضّل دعم الرئيس الحسن واتارا، الذي يُنظر إليه على أنه أقرب إلى الأوروبيين منه إلى الأمريكيين، وذلك رغم نفوذه الدبلوماسي وحاجته للتاييد الامريكي . هذا التوجه ليس معزولًا عن سياق اللقاء، بل يتكرّر في أكثر من زاوية. فالرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي دُعي أساسًا بصفته الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي (حتى فبراير الماضي)، يبدو أنه اختير للعب دور الوسيط أو الضامن لتوازن اللقاء، في مواجهة أي تضارب محتمل في المصالح بين الحاضرين.</p> <p>في المقابل، يتشارك بقية الضيوف &ndash; جوزيف بواكاي (ليبيريا)، باسيرو فاي (السنغال)، أومارو سيسوكو إمبالو (غينيا بيساو) وبريس أوليغي نغيما (الغابون) &ndash; في طموحات دبلوماسية واضحة. كما أن دبلوماسياتهم تحظى بعلاقات مستقرة مع أغلب دول إفريقيا جنوب الصحراء، وتبدو منفتحة بشكل صريح على تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة، سواء للخروج من العباءة الأوروبية التقليدية، أو لتوجيه رسائل تذكير لكل من الصين وروسيا، المتّهمتين باهمال التزاماتهما في القارة منذ حوالي عامين. لكل من هذه الدول أجندته الخاصة، لكن الطموح المشترك حاضر.</p> <p>أما في الولايات المتحدة، فتتناول وسائل الإعلام عشرات السيناريوهات المحتملة. بين الضغط على النفوذ الصيني في غرب إفريقيا، ومكافحة شبكات تهريب المخدرات، وتعزيز اتفاق السلام الأخير بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، أو حتى مجرد استعراض دبلوماسي "على طريقة ترامب"، في كل الاحوال تسعى إدارة الرئيس الأمريكي إلى صرف الأنظار عن تدخلاتها الأخيرة في الشرق الأوسط (دعم إسرائيل ضد إيران) وأوروبا الشرقية (تخليها عن أوكرانيا).</p> <p>فهل يمثّل هذا اللقاء بداية لإعادة صياغة الأجندة الدبلوماسية لترامب؟ أم أن القارة الإفريقية تحوّلت ببساطة إلى ساحة انتصار سهلة المنال؟ بالنظر إلى حجم التحضير والزخم السياسي، قد تكون الإجابة أكثر تعقيدًا مما يبدو.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>ما اكثر الخلّان حين تعدهم...</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>يُعدّ دونالد ترامب أول رئيس أمريكي من الحزب الجمهوري ينظم قمة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإفريقيا، رغم تاخرها. فخلال ولايته الأولى، لم يزر القارة سوى مرة واحدة. بل إن علاقاته مع إفريقيا كانت تتسم بنوع من الاحتقار، إلى درجة أنه وصف الدول الإفريقية بأنها &laquo;دول قذرة&raquo;. حتى سفاح العراق جورج دبليو بوش قام بعشر زيارات رسمية إلى إفريقيا، وكان أكثر احترامًا في خطابه و اقل سملجة في سلوكه من ترامب. ورغم هذا الماضي، فإن ترامب اليوم يبني استراتيجيته الإفريقية على ما أسس له الرئيس الأمريكي السابق بايدن، الذي عيّن عددًا كبيرًا من السفراء في الدول التي تجاهلها ترامب خلال ولايته الاولى.</p> <p>بمعنى آخر: اهتمام ترامب بإفريقيا جنوب الصحراء جديد، ولا ينسجم كثيرًا مع نهجه المعروف.</p> <p>ومع ذلك، فإن الدفع نحو تموضع دبلوماسي جديد في القارة السوداء قد يدرّ أرباحًا كبيرة على البيت الأبيض. على سبيل المثال،اتفاق السلام حديث العهد بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، والذي أُشرف عليه مباشرة من قبل ترامب، يبدو مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بحقوق استخراج المعادن في المنطقة الحدودية بين الدولتين. ووفقًا لمعهد الولايات المتحدة للسلام (USIP)، فإن واشنطن &laquo;ستستثمر بشكل أساسي في الحزام الغني بالكوبالت والنحاس شرق الكونغو الديمقراطية&raquo;. لكن ماذا يعني "الاستثمار" فعلًا؟ لا أحد يعلم. فالاتفاق غير منشور، وتفاصيله غامضة عمدًا. حتى توقيعه، الذي رُوّج له محليًا في الإعلام الأمريكي، مرّ دون اهتمام يُذكر على الصعيد الدولي.</p> <p>لذا، من غير المستبعد أن تُسفر القمة المقبلة مع القادة الأفارقة عن صفقات أخرى بذات الطابع الخفي، او بالأحرى المريب. أما القمة الإفريقية&ndash;الأمريكية في سبتمبر، فستكون &ndash; على الأرجح &ndash; مناسبة احتفاليّة "لعودة النفوذ الأمريكي في افريقيا".</p> <p>ولا بد من التذكير هنا بأن الصين منذ بدء سلسلة الانقلابات في منطقة الساحل، تخلّت عمليًا عن عدد من مشاريعها الكبرى في غرب إفريقيا. أما روسيا، ومنذ انشغالها بالحرب في أوكرانيا، فقد خفّف ممثلها "فاغنر" من حضوره في القارة. وقد أعلن هذا الأخير، مؤخرًا، انسحابه الكامل من مالي، مؤكدًا أنه "أنجز أهدافه" في "القضاء على الوجود الإرهابي". وهو تصريح لا يخلو من الشك لغرابة توقيته.</p> <p>في جميع الأحوال، يظل سياق هذا اللقاء &ndash; كمقدمة لما يُعرف بقمة إفريقيا&ndash;الولايات المتحدة &ndash; غامضًا، خاصة في ضوء المواقف الأمريكية الأخيرة تجاه القارة. فمنذ بداية ولايته الثانية، أوقف ترامب غالبية برامج المساعدات المقدّمة للدول الإفريقية، كما فرضت واشنطن حظرًا على دخول مواطني 12 دولة إفريقية إلى أراضيها. واليوم، لا تزال الإدارة الأمريكية تدرس إضافة 26 دولة إفريقية أخرى إلى قائمة حظر السفر المقبلة، التي سوف تضم 36 دولة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>...لكنهم في النائبات قليل</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>تعكس سياسة شد الحبل هذه جانبًا مألوفًا من الدبلوماسية الخشنة التي ينتهجها دونالد ترامب. وقد أثارت قراراته في حظر السفر استياءً واسعًا لدى بعض الدول الإفريقية، على غرار تشاد، التي ردّت بإجراء مماثل ضد المواطنين الأمريكيين. في المقابل، فضّلت دول أخرى، مثل مالي وليبيا، عدم الخوض في هذا الملف. أما منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فقد اعتبرت أن قرار حظر السفر الشامل لا يعدو كونه "إجراءً جديدًا مناهضًا للهجرة" من توقيع ترامب، بينما وصفت منظمة العفو الدولية هذه السياسات بأنها "تمييزية، عنصرية، وقاسية إلى أبعد حد".</p> <p>ومع ذلك، يبدو أن استراتيجية التخويف التي يعتمدها ترامب قد تؤتي أُكُلها. فالتحرك الدبلوماسي الأمريكي جرى ترتيبه بعناية. ومن الإنصاف القول إن ترامب، سواء في ملف أوكرانيا أو إيران، عرف دائمًا كيف يفاوض من موقع قوة. وإذا استمر في التزامه بنهجه المعتاد، فمن المرجح أن يطالب كل دولة مشاركة في القمة بتقديم تنازل واضح، مقابل تعويض رمزي أو محدود.</p> <p>فبالنسبة إلى الدول الحبيسة في غرب إفريقيا، قد تعرض واشنطن إقامة قواعد عسكرية جديدة مقابل تسهيلات تجارية. أما دول خليج غينيا، فلن يتردد ترامب في تحدي المصالح الفرنسية أو الأوروبية عمومًا في المنطقة، خاصة في ظل الشكوك المحيطة بمدى التزام الأوروبيين بتمويل حلف الناتو، كما تطالب به واشنطن. وبالنسبة إلى رؤساء الدول الذين سيحضرون الاجتماعات من 9 إلى 11 جويلية، فسيكون الأمر قبل كل شيء عرض قوة، يهدف إلى جسّ نبض "المزاج الإفريقي" قبل قمة قد تحمل في طياتها مفاجآت غير متوقعة.</p> <p>وهناك ملف آخر لا يقل أهمية بالنسبة إلى الإدارة الأمريكية: اختبار ولاء ممثليها الدبلوماسيين في القارة، إلى جانب إعادة تثبيت الحضور السياسي الأمريكي في إفريقيا. فعلى مدى عقد من الزمن، اكتفى الأمريكيون بلعب دور الداعم الخلفي، تاركين الأوروبيين في واجهة الدفاع عن المصالح الجيوستراتيجية الغربية. والنتيجة كانت فشلًا ذريعًا: ففرنسا، التي كانت القوة العسكرية الغربية الأولى في الساحل الافريقي، طُردت من منطقة نفوذها، دولة تلو الأخرى، بفعل سلسلة من الانقلابات العسكرية. مالي، تشاد، غينيا، بوركينا فاسو، النيجر... كلها شهدت تصاعدًا ملحوظًا في الخطاب والإجراءات المناهضة لفرنسا اثر تفعيل حكم العسكر.</p> <p>ومن الواضح أن الولايات المتحدة تسعى اليوم إلى تحقيق هدفين في آن واحد: إعادة تثبيت الحضور الغربي في المنطقة، والاستفادة من المدّ المعادي لفرنسا لتحقيق بعض الأرباح الاقتصاديّة. ومع تراجع الحضور الروسي في بعض الدول، يبدو أن ترامب مصمم على اغتنام الفرصة. ويبقى السؤال: هل ستتكتّل الدول الإفريقية المشاركة في موقف موحّد؟ هل أنها، في لحظة وعي، قد تدرك أن ما يُقدَّم لها ليس أكثر من مطالب انتهازية في مرحلة قلّ فيها الحلفاء؟</p> <p>&nbsp;</p> <p>بقلم. نزار الجليدي&nbsp; كاتب و محلل سياسي</p>

العلامات رأي