القطيعة مع الانحرافات

2025-06-02 17:58:00

<h4>رئيس الجمهورية يحرص على إنشاء هيئتي التصدير والإستيراد وفق قوانين "مدروسة بدقة عالية وصالحة لعقود قادمة"</h4> <p>&nbsp;</p> <h5>تحديد نوعية المنتجات المعنية بالاستيراد وحجمها بدقة، وفقا لحاجيات السوق الوطنية</h5> <p>&nbsp;</p> <h3>ضمن رؤيته الإستشرافية لملف التصدير والإستيراد الذي كان على مدى سنوات طويلة مرادفا لتهريب العملة والإجهاز على الإنتاج الوطني، ارتأى رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن يخصص اجتماعا مصغرا لمرافقة إنشاء هيئتي تنظيم هذا القطاع والإشراف على تفاصيل هذا الملف شخصيا.</h3> <p>&nbsp;</p> <p>قرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتأجيل عرض مشروع إنشاء الهيئتين الوطنيتين المكلفتين بتسيير وتنظيم نشاطي الاستيراد والتصدير، يعكس نظرة استراتيجية عميقة، ويعبر عن وعي رئاسي بأهمية دراسة هذا المشروع بدقة أكبر وتجنيبه كل الثغرات المحتملة قبل دخوله حيز التنفيذ.</p> <p>&nbsp;</p> <p>ومن هذا المنطلق، فقد أمر الرئيس تبون "بإرجاء العرض الخاص بهما بهدف "مزيد من الإثراء للنصوص والآليات القانونية للهيئتين التي ينبغي أن تكون مدروسة بدقة عالية وصالحة لعقود قادمة، وتتواءم مع الآليات الدولية".</p> <p>&nbsp;</p> <p>ومثلما أورده بيان مجلس الوزراء المنعقد، أول أمس الأحد، فإن رئيس الجمهورية "يُشرف شخصيا على مرافقة إنشاء هاتين الهيئتين، من خلال اجتماع وزاري مصغر ينعقد خلال الأيام القليلة القادمة، لإرساء قطيعة مع كل الانحرافات التي شابت هيئات كانت مسؤولة مباشرة على عمليات الاستيراد في السابق، مؤكدا ضرورة التنسيق التام بين وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات والبنوك والبنك المركزي والجمارك لمراقبة ذكية وهادفة وناجعة، تحافظ على الإنتاج الوطني وتوجه الاستيراد طبقا للحاجة الوطنية الضرورية".</p> <p>&nbsp;</p> <p>فقرار رئيس الجمهورية، ينم عن إدراك عميق للآثار التي قد تنجم عن مثل هذا المشروع على مستقبل الاقتصاد الجزائري وترقية منظومة التجارة الخارجية، خاصة في ظل توجه الجزائر نحو الانفتاح على الأسواق الدولية، إذا لم يتم إيلاء العناية اللازمة للإطار القانوني والتنظيمي لهيئتي الإستيراد والتصدير، حتى لا تكون نسخة طبق الأصل من هيأة "ألجاكس" التي انتقدها الرئيس تبون بشدة خلال لقائه بالمتعاملين الإقتصاديين، بتاريخ 13 أفريل 2025، عندما أعلن عن "إجراءات جديدة وغير مسبوقة لتنظيم الاستيراد والتصدير في الجزائر، عبر إلغاء الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية "ألجكس" نهائيا، واستبدالها بهيئتين جديدتين، مع مخطط لاعتماد الشباك الوحيد لاستقبال ملفات المستثمرين في ظرف 3 أشهر كأقصى حد، ومنح تسهيلات غير مسبوقة للمتعاملين الاقتصاديين، حيث خاطب، حينها، المتعاملين الإقتصاديين: "سنرفع كل العراقيل.. فقط أريد منكم نتائج ملموسة في الميدان".</p> <p>&nbsp;</p> <p>فالجزائر، حسب ما يراه الرئيس تبون في نظرته الإستشرافية لمستقبل القطاع الاقتصادي، قطعت خطوات مهمة، وحان الوقت الآن للتقدم بخطوات أخرى نحو الانتقال إلى الإصلاح العملي والمؤسساتي، وهذا من خلال استحداث هيئتين متخصصتين في تنظيم عمليات الاستيراد والتصدير، وتزويدهما بالوسائل اللازمة للقيام بمهامهما بكفاءة، وفق نظرة استراتيجية واضحة.</p> <p>&nbsp;</p> <p>تحديد مواصفات دقيقة للمستوردين والمصدرين</p> <p>&nbsp;</p> <p>وحسب ما أورده بيان مجلس الوزراء ليوم أول أمس، كذلك، فقد أكد الرئيس تبون، على "تحديد مواصفات دقيقة للمستوردين والمصدرين ضمن النصوص التنظيمية للهيئتين مع تنظيم وتقنين الاستيراد، مع استحداث آليات جديدة لضبط الاستيراد منها تعاونيات الشراء الجماعي تسمح بتوضيح الرؤية في عمليات الاستيراد، وكذا مراعاة خصوصية وحجم الإنتاج الوطني بشكل بالغ، والأخذ به كمؤشر اقتصادي أساسي، بتحديد دقيق للغاية للموارد التي ينبغي استيرادها للضرورة الاقتصادية الحيوية".</p> <p>&nbsp;</p> <p>وحرصا منه على مزيد من التنسيق وحصر جميع الأطر التي يجب أن تساغ على أساسها منظومة هيئتي الإستيراد والتصدير، فقد "كلف رئيس الجمهورية، وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات بوضع مقاييس جزائرية خالصة وجب احترامها من طرف كل المتعاملين الاقتصاديين المستوردين، مهما كانت المنتجات المراد استيرادها".</p> <p>&nbsp;</p> <h3>لا مجال للعودة إلى سنوات استنزاف العملة تحت غطاء التصدير والإستيراد</h3> <p>&nbsp;</p> <p>تجنب العودة بالإقتصاد الجزائري إلى ما شهده على مدى عشريتين، من استنزاف للعملة الصعبة تحت غطاء التصدير والإستيراد، وقتل الإنتاج الوطني مع سبق الإصرار والترصد، في زمن العصابة التي استولت على مقدرات الأمة، يريد رئيس الجمهورية أن يضع حدا له وفق قوانين "مدروسة بدقة عالية وصالحة لعقود قادمة".</p> <p>&nbsp;</p> <p>ولتحقيق هذا الهدف الأسمى، فقد خاطب رئيس الجمهورية، المتعاملين الإقتصاديين، في أفريل الماضي، بالقول: "من اليوم فصاعدا لا وجود لهيئة ألجكس"، أي الوكالة الوطنية لترقية التجارة الخارجية، "التي تمارس مهامها في الجزائر منذ سنة 2004، ولم تحقق أي نتائج ملموسة، حينما كانت الدولة وقتها تستورد فقط دون تصدير، ورغم ذلك أطلق عليها تسمية "وكالة ترقية الصادرات"، وهو أمر شببه الرئيس تبون بـ"صهريج الماء الذي ينتج 2 مليمتر فقط"، مشددا بالقول "ألجكس ستختفي بعد اليوم"، إلا أنه اعترف بوجود إطارات نزيهة تعمل بهذه الوكالة، لكنها في لم تكن لديها سلطة القرار الفصل في توقيف نزيف العملة الأجنبية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>نفس التوصيف يمكن إطلاقه على الكثير من المتعاملين الإقتصاديين في تلك الفترة، والذين عانوا الويلات في التعامل مع وكالة "ألجكس"، حيث كانت عاملا أعاق عملية التصدير. بالمقابل، فقد كان الرئيس تبون صريحا عندما قال أن هناك ممارسات مماثلة مازالت مستمرة، حيث أن "بعض المتعاملين الاقتصاديين اختصاصهم إيجاد الثغرات للتحايل في السوق وعمليات الاستيراد".</p> <p>&nbsp;</p> <p>هذا التحايل يتلخص في قيام مستوردين ومصدرين بتهريب العملة في مجال عمليات التجارة الخارجية باستعمال عدة وسائل أبرزها تهريب العملة عن طريق الاستيراد والتصدير، بحيث يعتمد المتعامل الاقتصادي على تزوير فواتير التجارة الخارجية وذلك من خلال التزوير في التصاريح بفوارق مالية، إذ يقومون بتضخيم فواتير السلع والبضائع المستورة ليهرب الفارق من العملة الصعبة إلى البنوك الأجنبية. كما يلجأ بعض المصدرين إلى تقديم فواتير للبضائع المصدرة بقيمة أقل من قيمتها الحقيقية وذلك للاحتفاظ بباقي القيمة من العملة في الخارج.</p> <p>&nbsp;</p> <p>. للإشارة، فقد كشف أرقام الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد نهاية سنة 2014، على سبيل المثال لا الحصر، عن تهريب أكثر من 100 مليار دولار في الفترة ما بين 2004 و2024، فقط. ووجهت أصابع الاتهام إلى شركات الاستيراد والتصدير، حينها، والتي كانت تلجأ إلى تضخيم فواتير مختلف السلع التي تستوردها من مختلف مناطق العالم، فضلا عن عمليات التهريب على مستوى المطارات والموانئ الجزائرية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>بناء إطار مؤسساتي محكم يدوم لسنوات قادمة ومن هذا المنطلق، جاءت دعوة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى إثراء النصوص التنظيمية والآليات القانونية التي تضبط عمل هيئتي الإستيراد والتصدير، على اعتبار بأن المرحلتان الحالية والقادمة تتطلبان اعتماد مقاربة جديدة في إصلاح التجارة الخارجية، تأخذ بعين الاعتبار المعايير الدولية وتعكس الحرص على بناء إطار مؤسساتي محكم يدوم لسنوات قادمة، ويكون متناغما مع التطورات الاقتصادية العالمية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>. وتشمل أيضا هذه المقاربة جوانب دقيقة ترتكز على "توفير الموارد والإمكانيات الضرورية لتحقيق أهداف المشروع، وعلى رأسها النهوض بالصادرات خارج قطاع المحروقات، وزيادة مساهمتها في الميزان التجاري، وتحسين احتياطي العملة الصعبة، إلى جانب تقليص الواردات من خلال دعم الإنتاج الوطني. إضافة إلى الإعتماد على تحليل البيانات وتقييم حاجيات السوق الوطنية بدقة، وتحديد الفاعلين الحقيقيين في مجالي التصدير والاستيراد لوضع حد نهائي للفوضى التي كان يسير هذا القطاع، مع الاعتماد على الرقمنة كوسيلة لمتابعة تطورات السوق والتعامل مع تحولاتها بشكل آني وفعال ودقيق.</p> <p>&nbsp;</p> <p>ومن هذا المنطلق كذلك، يحرص الرئيس على متابعة مشروع إنشاء هيئتي التصدير والإستيراد بصفة شخصية، وتخصيص مجلس وزاري مصغر لمناقشة كل تفاصيله، سعي إلى إرساء نظام مؤسساتي قائم على المعطيات العلمية.</p> <p>&nbsp;</p> <h4>مهام وتنسيق تام بين القطاعات المعنية</h4> <p>&nbsp;</p> <p>للإشارة، فإنه من المهام المنوطة بهيئتي التصدير والإستيراد، تحديد نوعية المنتجات المعنية بالاستيراد وحجمها بدقة، وفقا لحاجيات السوق الوطنية من مختلف المواد، مقابل تقييم قدرة الإنتاج الوطني على تغطية الطلب المحلي، ومنح التسهيلات الكفيلة بدفعه للتوسع نحو الأسواق الخارجية، كما ستحظى عمليات التصدير بالموافقة والمتابعة من الهيئتين في إطار مقاربة قائمة على المرونة والفعالية الاقتصادية اللازمتين. كما أن هاتان الهيئتان ستقومان بضبط التنسيق بين الوزارات المعنية بالتجارة الخارجية والداخلية، والمالية، والبنوك، والجمارك، والنقل، والصناعة من أجل تحقيق التنسيق التام والمراقبة الذكية والهادفة والناجعة، حفاظا على الإنتاج الوطني والتوجه نحو الاستيراد طبقا للحاجة الوطنية الضرورية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>لزهر فضيل</p>