الكاتب العراقي علي حسين لـ" الفجر " : كاتب ياسين كان بوابتي للأدب الجزائري

2024-01-17 11:46:00

banner

<h1><strong>علي حسين هو كاتب عراقي بارز ورئيس تحرير صحيفة "المدى" العراقية العريقة، كتب العديد من الأعمال المسرحية التي عرضت على مسارح بغداد، وعمل في الصحافة منذ الثمانينيات، أصدر مجموعة كتب عن المسرح، كما صدرت له كتب عديدة منها: "في صحبة الكتب"، "دعونا نتفلسف"، "غوايات القراءة"، "مائدة كورونا"، "سؤال الحب"، "أحفاد سقراط"، "كتب ملعونة"، "المتمردون" وغيرها من الكتب المهمة.</strong></h1> <h1><strong>ارتبط اسمه أكثر في شبكات التواصل الاجتماعي بالكتب، فلا تكاد تقرأ له منشوراً أو تغريدة إلا وفيها كتاب أو كاتب.</strong></h1> <h1><strong>&nbsp;يحدثّنا الصحفي علي حسين في هذا الحوار عن علاقته بالكتابة والكُتب، وأيضا عن الكُتّاب الجزائريين الذين قرأ لهم وتأثر بكتاباتهم.</strong></h1> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>&nbsp;: متى بدأت الكتابة؟</strong><strong> </strong></h1> <p>ـ الكاتب العراقي، علي حسين: &nbsp;بدايتي كانت مع المسرح، لقد درست المسرح والنقد المسرحي وكتبت أول مقال لي عن مسرحية عرضتها فرقة المسرح الفني الحديث في نهاية السبعينيات ونشر المقال في جريدة طريق الشعب، بعدها نشرت مجموعة مقالات في مجلة " الثقافة" وهي واحدة من أبرز المجلات الفكرية العراقية التي كانت تصدر في السبعينيات والثمانينيات. وكانت من ضمن هذه المقالات، حلقات عن مسرح يوسف العاني الذي يعد رائد المسرح العراقي الحديث وأبرز كتابه.</p> <p>&nbsp;وجمعت هذه المقالات في كتاب صدر عن مجلة الثقافة بعنوان " في البدء كان الانسان...دراسة في مسرحيات يوسف العاني "، نشرت بعدها دراسات عن مسرح يوسف ادريس ونعمان عاشور والجزائري كاتب ياسين والفريد فرج وادمون صبري وعادل كاظم وسعد الله ونوس. استمر اهتمامي بالمسرح طوال فترة التسعينيات وكنت خلالها اقرأ بنهم الروايات وكتب الفلسفة وعلم النفس، وتجمعت لدي مكتبة ضخمة. بدأت في نهاية التسعينيات محاولات لكتابة مقالات عن الكتب والقراءة نشرتها في بعض الصحف وكانت أول مقالة بعنوان: " لماذا نهرب من جيميس جويس؟"، كنت حينها قد انتهيت من قراءة عوليس بترجمة طه محمود طه الذي تخصص في جويس وأصدر فيما بعد موسوعة عنه.</p> <p>شغلتني هذه الرواية برغم صعوبتها، فلأول مرة اقرأ رواية طويلة تدور أحداثها في يوم واحد إن كنت قبلها قد قرأت أجزاء من" البحث عن الزمن المفقود"، التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة السورية، لكنني أحببت جويس أكثر. بعدها بسنوات سيصبح مارسيل بروست بملحمته من أقرب الكتاب إلى نفسي وقد كتبت عنه أكثر من مقال وخصوصا في كتابي " في صحبة الكتب " وهو أول إصدار لي في هذا المجال جمعت فيه مقالات عن بروست وكافكا وستندال وجويس وماركس وفرويد وماركيز وفرانسوا ساغان وتوفيق الحكيم وغيرهم.</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>هل تضع الجمهور في اعتبارك حين تكتب؟</strong><strong> </strong></h1> <p>ـ بالتأكيد أضع نفسي مكان القارئ ولهذا أسعى لأن أجد حلقة وصل بين القارئ والكتاب الذي اكتب عنه، ولهذا أحاول أن انسج حكاية مشوقة تكون بمثابة الدليل للدخول إلى عالم الكاتب، أحاول أن اكتب بلغة فيها قدر كبير من الوضوح وأيضا تحمل قيم فنية وفكرية. وأجد نفسي أثناء الكتابة اطرح السؤال التالي: لماذا نقرأ؟ وماذا تقدم الكتب لنا؟&nbsp; واتذكر عبارة كافكا الشهيرة عندما أصر على أن الكتب مثل " الفأس الذي يكسر البحر المتجمد بداخلنا "، ويعتبر الشاعر الفرنسي بول فاليري أنه بمجرد فتحنا لصفحات الكتاب يمكنه أن يمنح أفعالنا رؤيا جديدة.</p> <p>&nbsp;بعد صدور كتابي الأول " في صحبة الكتب " كان عدد من الأصدقاء يقولون لي: "كتبت عن عدد من الفلاسفة باعتبارهم أدباء بلغة بسيطة، فلماذا لا تكرر المحاولة وتصدر كتاباً عن الفلسفة بنفس اللغة البسيطة التي تحمل قدراً من الوضوح". وقد سنحت لي الفرصة في السنوات الأخيرة أن أقرأ عشرات الكتب عن الفلسفة ورجالاتها وتاريخها، وكنت كلما هبط الليل أنزوي في غرفتي لأحاور شخصية ساهمت بتغيير أفكارنا فأصدرت كتابي الثاني "دعونا نتفلسف" وهو أشبه بالرد على عبارة دائماً ما نواجهها "يا أخي لا تتفلسف"، أردت أن أعرف كيف شاعت هذه العبارة، ومن يغذيها في وجدان الناس، وهل هناك حقاً ما يمنع الإنسان أن تكون له فلسفته الخاصة تجاه الحياة، وأن يكون له موقف نقدي لما يجري حوله؟ .</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>ـ ماذا قرأت وأنت طفل؟ وهل يمكننا القول بأن كل كاتب كبير هو قارئ كبير؟</strong><strong> </strong></h1> <p>ربما كنت محظوظاً، كانت هناك مكتبة في بيتنا تحوي كتباً غلب عليها طابع التراث، وأيضاً كان عدد من أقاربي يمتهنون مهنة بيع الكتب سمحوا لهذا الصبي أن يبحث بين الأرفف عن كتب ملونة تسحره بمعلوماتها العربية، ولدت في بغداد، في منطقة تعد مركز بغداد التجاري، شارع السعدون الذي كان شارعاً للمكتبات، على جانبيه افتتحت أشهر مكتبات بغداد الأهلية منذ أربعينيات القرن الماضي، واشتهر الشارع، أيضاً، بأنه مركز لدور السينما، فاجتمعت عندي منذ الصغر هواية القراءة ومشاهدة السينما وعوالمها السحرية. في صباي كنت أعتقد أنني أستطيع الحصول على أي كتاب، لأن أحد أقاربي كان يمتلك مكتبة يبيع فيها أحدث الإصدارات، وكانت هذه المكتبة لا تبعد عن بيتنا سوى عشرات الأمتار، ووجدت في قريبي صاحب المكتبة محفزاً على اختيار كتب تناسب سني آنذاك.</p> <p>&nbsp;وأتذكر أنني تعلقت في صغري بسلسلة كتب ملونة كانت تقدم مختصرات مصورة لروائع الأدب، فقرأت من خلالها رواية جول فيرن "من الأرض إلى السماء"، وحكاية حصان طروادة، و"أوليفر تويست" لديكنز، وكتباً كثيرة لا أتذكرها الآن، إلا أنّ الكتاب الذي سيظل عالقاً في ذهني وقرأته وأنا في عمر صغير كان رواية "عودة الروح" لتوفيق الحكيم، وكانت المرة الأولى التي أقرأ فيها رواية كاملة، استهوتني شخصية الفتى محسن بطل الرواية ووجدت فيها نفسي، لم تكن والدتي متعلمة، كان والدي يحب كتب التراث، ويطلب مني أن أترك قراءة الروايات، وأقرأ الكتب التي تنفعني، فأعطاني ذات يوم كتاباً صغيراً عن "أبي العلاء المعري" لكنّ الكتاب لم يستهوني، كان للتراث أعلى درجات التقدير والاهتمام في بيتنا.</p> <p>&nbsp;عندما بلغت الـ 13 من عمري سأعثر على التراث الحقيقي في كتب طه حسين، كنت في الصف الأول متوسط عندما أعطاني أستاذي، الفنان التشكيلي الراحل شاكر حسن آل سعيد، نسخة من الجزء الأول من كتاب "الأيام"، وكان هذا أول تعرفي على طه حسين الذي لم أترك عملاً صدر له دون أن أقتنيه، لقد فتح لي عميد الأدب عوالمَ وآفاقاً ما أزال أكتشفها. في تلك الأيام كنت مفتوناً بعدد من الكتّاب، أراهم دائماً يرسمون في مخيلتي عالماً من الشخوص والنماذج الملهمة، لذا كنت أحرص على قراءة كل سطر من سطورهم، سعدت بالساحر توفيق الحكيم الذي أدخل البهجة إلى حياتي وأنا أتابع مصائر أبطاله وأفراحهم وأحزانهم، وتعلمت من كتب طه حسين كيف أفهمه وكيف أتذوقه، وطه حسين مثل سقراط يبحث مع قارئه ويناقشه ويسعى لسحق الأفكار القديمة، ثم يأخذك معه في رحلة استكشاف للأدب العربي؛ قديمه وحديثه، وقد كان لكتابات طه حسين الفضل الأول بأن أخذت بيدي لتُدخلني عالماً عجيباً مدهشاً اسمه الكتاب.</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>لديك العديد من المؤلفات التي هي بمثابة قراءات لكتب وحياة الأدباء، منها "المتمردون"،"غوايات القراءة "...الخ، هل يمكن للكاتب أن يمارس دور المرشد للقراءة...؟</strong></h1> <p>هذا ما أسعى إليه من خلال كتبي أن أكون دليلا للقارئ، مثلما يفعل مانغويل وقبله ماكتبه هنري ميلر في كتابه المهم " الكتب في حياتي "، لكن لو تسألني من هو الكاتب الذي حفزك للكتابة عن الكتب ساقول لك: كولن ويلسون في كتابه الممتع " اللامنتمي " وهذا الكتاب قرأته وأنا صبي وتأثرت به كثيرا وتمنيت أن اكتب كتابا شبيها به، لكن بالتأكيد لا يمكن أن أصل إلى المستوى الذي وصل إليه كولن ويلسون في كتابه العجيب " اللامنتمي ".</p> <p>&nbsp;كان الروائي الفرنسي غوستاف فلوبير الذي يقول:" لا تقرأ مثل الأطفال، من أجل المتعة، ولا مثل الطموحين، بغرض التعلم. لا، أقرأ كي تعيش ". ولعل معظمنا يبدأ أولى خطواته في القراءة منطلقين من الفضول لمعرفة ماذا تخبئ هذه الصفحات، وكثير من القراء يؤمنون بمقولة: اقرأ من أجل المعرفة. ينصحنا الفيلسوف " ديكارت" بإعداد قوائم لتحديد الكتب التي يجب أن نقرأها، كتمرين من تمارين العقل وإستكشاف العالم ويكتب هذه النصيحة:" إن قراءة الكتب هي بمثابة محادثة مع أفضل الشخصيات من القرون الماضية " ولهذا أنا أحاول أن أجمع القارئ مع الكتاب الذي اكتب عنه على مائدة واحدة ليتحاورا.</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>هل قرأت لكتاب جزائريين؟ ومن هم ...؟</strong><strong> </strong></h1> <p>ـ نحن في العراق تعلقنا بالجزائر منذ أيام الثورة الجزائرية، وربما تستغرب أن أقول لك أن أشهر مناطق بغداد سميت باسم المناضلة " جميلة بوحيرد "، في صباي كان كاتب ياسين بوابة دخولي إلى الأدب الجزائري بعد أن عثرت على نص مسرحي له بعنوان " مسحوق الذكاء "، صدر ضمن سلسلة المسرح العربي التي كانت تصدر في مصر، بعدها تعلقت بروايته " نجمة " وهي رواية ترجمت إلى أكثر من لغة، لكن اللقاء الحقيقي مع الأدب الجزائري بالنسبة لي كان مع ثلاثية محمد ديب " الدار الكبيرة، الحريق، النول " والتي ترجمها سامي الدروبي.</p> <p>&nbsp;هذه التحفة الروائية التي تذكرنا بالأعمال الكلاسيكية الكبيرة، هذه الرواية التي تدور أحداثها للفترة من عام 1929 الى عام 1942، وهي مرحلة الغليان التي أدت إلى تفجير الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، وقد أراد من خلالها أن يصور حجم التناقضات التي عاشها المجتمع الجزائري بين فئاته المختلفة من مستَعمرين ومستعمِرين، حيث يستعرض الوضع البائس الذي يعيشه الجزائريون في ظل الاستعمار الفرنسي، في المدن وفي الأرياف، ونجده يشيد عالما كاملا يقدمه للقراء بأدق تفاصيله.</p> <p>طبعا لا أنسى مولود فرعون ومالك حداد والروائي العظيم، الطاهر وطار، وأول رواية قرأتها له وأحدثت تأثيرا عميقا في نفسي وهي رواية " اللاز "، بعدها " عرس بغل " ثم توالت أعماله التي احتفظ بها كاملة في مكتبتي، بعدها عثرت على آسيا جبار، ورشيد بوجدرة ، وفي الرواية الحديثة هناك واسيني الاعرج والحبيب السايح وسمير قسيمي ولا ننسى أحلام مستغماني في رائعتها " ذاكرة الجسد " ، في المقابل قرأت في شبابي كتب مالك بن نبي ولا ننسى الفيلسوف الكبير، محمد أركون، وكتابات الزواوي بغورة ومحمد شوقي الزين ومؤلفات فضيلة الفاروق التي أدين لها بالشكر لأنها ساهمت بتعريفي للقارئ المغربي من خلال برنامجها عن الكتب .</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>في الجزائر دائما ما يكون هناك صراع حول الهوية ومفهومها، برأيك هل الهوية واحدة أم هي متعددة ومركبة؟</strong><strong> </strong></h1> <p>ـ بالتأكيد هناك أزمة هوية في الكثير من البلدان العربية ونعيشها نحن في العراق أيضا، فأزمة الهوية تتحكم في المشهد اليوم ، وللأسف فإن المنادين بتعدد الهويات لا غاية لها سوى تهشيم وإضعاف وتشويه الهوية المركزية، فوظيفة الهوية كما نعرف هي صياغة الكيان المجتمعي، طبعا تحدث أزمة الهوية من محاولة مكون رئيسي تهميش المكونات الأخرى في المجتمع ، فنجد أن البعض يصاب بنكوص ويتحصن بطائفته أو قوميته في مواجهة الآخر ، وهذه أزمة حدثت في العراق بعد 2003 ، حيث أن العراق ظل منذ القدم يتميز بتنوعه الثقافي والعرقي والديني والإثني، حيث يضم أكثر من طائفة وقومية ولهذا أرى أن الحل يكمن في تعزيز الهوية الوطنية أو روح المواطنة التي هي المخرج الوحيد من أزمة الهوية.</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>في الختام ما تعليقك كمثقف حول الأحداث الدامية التي يقودها الكيان الصهيوني في غزة؟</strong></h1> <p>ـ ما يحدث في غزة جريمة لا تقل عن جرائم هتلر في الحرب العالمية الثانية، وللأسف نجد العالم المتحضر الذي يرفع شعارات حقوق الانسان يقف صامتا والبعض منه ينحاز إلى جانب الكيان الاسرائيلي المحتل، والأصوات التي تندد بمجازر غزة في أوربا وأمريكا تواجه بعقوبات وبحملة شرسة. هذا ما يشكل أزمة أخلاقية للغرب، فالحرب التي شنها الكيان الإسرائيلي المحتل ضد غزة وجدت، للأسف، دعما غربيا هائلا للكيان الاسرائيلي من مختلف ألوان الطيف السياسي والفكري، بالمقابل هناك أصوات غربية وضد مواقف الغرب المخزية، ووجدنا فلاسفة ومفكرين مثل جوديث بتلر وتشوميسكي وسلافوي جيجك وجورجيو أغامبين وهي مواقف تكشف أن تاريخ المشكلة لم يكن في اليوم الذي نفذت فيه حماس عمليتها ضد الاحتلال الاسرائيلي وإنما تاريخ الأزمة بدأ منذ الاستعمار الصهيوني لأرض فلسطين.</p> <p>&nbsp;</p> <h1><strong>حاوره: رمضان نايلي</strong></h1>

العلامات الثقافي

"زينات، الجزائر، السعادة".. تحية حب لـ "محمد زينات" من "محمد لطرش"

2025-04-27 08:45:00

banner

<p>&nbsp;</p> <p><span style="color: #e03e2d;"><em><strong>+ الفيلم التحفة "تحيا يا ديدو" يعود من جديد</strong></em></span></p> <p><span style="color: #e03e2d;"><em><strong>+ تساؤلات حول دعم الإنتاج السينمائي الوطني واستعادة الأعمال المنسية</strong></em></span></p> <p>&nbsp;</p> <h2>شهدت قاعة السينماتيك الجزائرية، مساء أمس السبت، العرض الشرفي الأول للفيلم الوثائقي "زينات، الجزائر، السعادة" للمخرج محمد لطرش، وسط حضور كثيف ملأ القاعة عن آخرها.</h2> <p>وتميّز العرض بحضور وزير الثقافة زهير بللو وإطارات من الوزارة، إضافة إلى شخصيات من مدرسة "براغ للسينما" الذين حلوا بالجزائر في إطار توقيع اتفاقية شراكة مع المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري بالقليعة، حيث نظموا ورشات لفائدة طلبة المعهد.</p> <p>كما كان لأسرة السينما الجزائرية والصحفيين حضور لافت خلال هذا الموعد السينمائي المميز.</p> <p>ويروي الفيلم المسار الإبداعي والإنساني للمخرج الراحل محمد زينات، من خلال استحضار محطات بارزة من حياته، وفيلمه الشهير "تحيا يا ديدو". وبين مشاهد القصبة العتيقة ومقتطفات أرشيفية نادرة، استطاع المخرج محمد لطرش أن يقدم عملاً مميّزًا، يكشف من خلاله قصة رجل مناضل واجه الكثير من التحديات.</p> <p>كما تحوّل اللقاء إلى مناسبة للاعتراف بمكانة محمد زينات في تاريخ السينما الجزائرية، ولطرح تساؤلات حول دعم الإنتاج السينمائي الوطني واستعادة الأعمال المنسية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;فيلم بسيط يحمل 25 سنة من البحث</strong></p> <p>قبل عرض الفيلم، عبّر المخرج محمد لطرش عن سعادته بالوقوف في هذه قاعة السينماتيك التاريخية التي اكتشف فيها، في صغره، فيلم "تحيا يا ديدو" لمحمد زينات، قائلا: " علّمنا هذا الفيلم الحب"، كاشفًا أنه، منذ أول فيلم قصير أخرجه، كان حلمه أن ينجز فيلما عن محمد زينات، وهو ما تحقق بعد 25 سنة من البحث والعمل.</p> <p>وأضاف: "نحن في وقت العولمة، أين الإنتاج دولي وعالمي، إلّا أنّه من الضروري أن تدعم الدولة السينمائيين الجزائريين، لأن الصوت الثقافي، خاصة عبر السينما، ضروري لأي أمة تريد أن يكون لها حضور، إنها قضية دولة يجب ألّا ننسى ذلك."</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>رحلة بحث عن أثر مخرج "تحيا يا ديدو"</strong></p> <p>استهل المخرج فيلمه الوثائقي من القصبة العتيقة، مهد طفولة محمد زينات، متنقلاً عبر مراحل حياته وأعماله، ومتوقفًا مطولًا عند فيلمه "تحيا يا ديدو". ويقول في وصفه: "محمد بالنسبة لي، زينات أخرج فيلمًا واحدا ووحيد "تحيا يا ديدو" الذي صوره في السبعينيات والذي سكنني منذ أن اكتشفته لأول مرة قبل 25 سنة".</p> <p>واعتمد "لطرش" على تعليق صوتي بضمير الأنا، ما منح الفيلم طابعًا حميميًا وشخصيًا، وجعل المشاهد يعيش علاقة المخرج الخاصة بمحمد زينات وفيلمه.</p> <p>وكشف لطرش أنّه حاول البحث عن الفيلم ليوزعه ويشاركه مع أكبر عدد من المشاهدين، لكن لم يفلح في ذلك، ووجد نسخة في حالة يرثى لها. الفيلم كان سيضيع إلى أن وُجدت نسخة داخل حافلة في الجزائر العاصمة، وتمت لاحقًا عملية ترميمه، لكنه لم يُعرض كما كان يجب.</p> <p>كما أبرز المخرج الجانب الإنساني من حياة زينات، بما في ذلك قصته العاطفية مع امرأة فرنسية عملت إلى جانبه في "تحيا يا ديدو"، وكذلك معاناته مع المرض.</p> <p>عرض الفيلم أيضًا مسار زينات النضالي، حيث كان مجاهدًا والتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني وأُصيب خلال الثورة، مما استدعى نقله إلى تونس للعلاج.</p> <p>بعد الاستقلال، أراد محمد زينات إنجاز فيلم من مسرحيته "تيبلقاشوطين"، وكتب سيناريو حول حرب التحرير بنبرة ساخرة طالت الجميع دون استثناء سواء الجنود الفرنسيين أو عيوب رفاق السلاح، وكان يرى أنّ له الشرعية الثورية لإنجاز هذا الفيلم وفق رؤيته.</p> <p>إلّا أنّ النبرة الحرة لمحمد زينات -بحسب لطرش- لم تكن لها مكان في جزائر الستينات ومن تولوا آنذاك مقاليد السلطة رفضوا مشروعه. ليغرق بعدها في اكتئاب كبير.</p> <p>لاحقًا، وفي عام 1970، كلّفه رئيس بلدية الجزائر الوسطى "بشير منتوري"، وهو طبيب سابق في جبهة التحرير الوطني، وكان قد عالج محمد زينات في تونس خلال حرب التحرير، بإنتاج فيلم قصير للترويج لمدينة الجزائر "البهجة البيضاء"، بشروط واضحة وبسيطة تُبيّن جمال وغرابة المدينة الحديثة، لكن زينات غيّر المشروع وأخرج الفيلم الطويل "تحيا يا ديدو".</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;تحيا يا ديدو تحفة فريدة</strong></p> <p>ظهر بوجمعة كارش، المدير السابق لسينماتيك الجزائر، في الفيلم كأحد الشهادات المؤثرة، حيث وصف "تحيا يا ديدو" بالتحفة الفنية الفريدة، مؤكدًا أن الفيلم خرج عن القواعد التقليدية للسينما، ولم يكن يعتمد على سيناريو وهنا يتبيّن ذكاء زينات.</p> <p>كارش تحدث أيضا عن قمع الفيلم سنة 1978، حيث مُنع من العرض في قاعات السينما واعتُبر "فيلم بلدية" لا مكان له في القاعات، مما حطم محمد زينات وأجبره على الهجرة نحو فرنسا، ولكّنه بقي يقول "أنا فخور ببلدي". بعدها مرض محمد زينات ودخل مستشفى الأمراض العقلية الذي بقي فيه إلى أن وافته المنية في أفريل 1995.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>"رضوان الصغير" يختتم الفيلم</strong></p> <p>اختتم الوثائقي بلمسة مؤثرة، إذ بحث لطرش عن شخصية الطفل الذي شارك في فيلم "تحيا يا ديدو"، وهو ابن أخت محمد زينات اسمه "رضوان"، الذي روى شهادته عن خاله.</p> <p>ومثلما انتهى الفيلم الأصلي بأخذ الطفل مكان "مومو"، اختتم الوثائقي هذه الرحلة بلقاء مع رضوان، الطفل الذي كبر، في دلالة رمزية عن استمرار الحلم رغم كل العوائق.</p> <p>كما حاول مخرج الوثائقي بث فيلم "تحيا يا ديدو" بنسخته المرممة على الجمهور بحيّ القصبة إلا أن جائحة كورونا منعت عرضه. عاد إلى فرنسا والفيلم لم يعرض.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>التفاؤل بالمستقبل</strong></p> <p>خلال النقاش الذي تلا عرض الفيلم، ثمّن المخرج محمد لطرش جهود الدولة في ترميم "تحيا يا ديدو"، معتبرًا أن بعث الفيلم من جديد أمر مهم ويجب أن يشاهده كل الجزائريين.</p> <p>وحول فيلمه الوثائقي "زينات، الجزائر، السعادة"، أوضح لطرش أن التحدي الأكبر كان في تتبع خطى محمد زينات وتصوير الجزائر العاصمة في السبعينيات، ثم العودة إليها بعد 25 سنة، حيث تغيّرت المدينة بشكل ملحوظ. واصفًا الفيلم بأنه "حوار بين فيلم تحيا يا ديدو وفيلمي هذا".</p> <p>وأضاف المخرج أنه تعامل مع قصة محمد زينات بحرية تامة دون أي تدخل أو رقابة من أي جهة، سواء كانت السلطة أو الجهات الداعمة للفيلم، مؤكدًا أنه أراد تسليط الضوء على الواقع المر الذي عاشه زينات. وأشار إلى أن الوزير حضر العرض الشرفي للفيلم بروح رياضية، مما أتاح للجميع معرفة المعاناة التي مرّ بها السينمائيون الجزائريون، وأنّ الأمر الإيجابي هو أن نناقش واقعنا وتاريخنا معًا للمضي قدما.</p> <p>من جهته، وعد وزير الثقافة زهير بللو بعرض فيلم "تحيا يا ديدو" بنسخته المرممة في حي القصبة تحقيقًا لحلم المخرج محمد لطرش الذي عبّر عن سعادته قائلًا: "هذا الفيلم خرج من القصبة ولابدّ أن يعود للقصبة."</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>كنزة خاطو</strong></p>

العلامات الثقافي

مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي يطلق أول جائزة لأفلام الذكاء الاصطناعي

2025-04-26 12:31:00

banner

<h3><strong>أعلن مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي عن فتح باب التقدم للمشاركة في دورته الخامسة، المقرر تنظيمها شهر سبتمبر، وأشارت إدارة المهرجان في بيان رسمي أن باب التسجيل مفتوح عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالمهرجان، داعية صناع الأفلام إلى تقديم أعمالهم للتنافس في ست مسابقات مختلفة، من بينها جائزة جديدة وغير مسبوقة في المشهد السينمائي الجزائري: جائزة أفلام الذكاء الاصطناعي (AI Award).</strong></h3> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>وتتوزع مسابقات الدورة المقبلة على ثلاث فئات رئيسية هي: المسابقة الرسمية لأفضل فيلم روائي طويل، أفضل فيلم قصير، وأفضل فيلم وثائقي. بالإضافة إلى ثلاث مسابقات موازية: جائزة عمار العسكري لأفضل فيلم روائي طويل ضمن المسابقة الوطنية، جائزة عنابة لأفضل فيلم أنيميشن قصير، وأخيرًا جائزة أفلام الذكاء الاصطناعي، التي تشكل سابقة في تاريخ المهرجانات السينمائية بالجزائر.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>يمثل إدراج جائزة خاصة بأفلام الذكاء الاصطناعي خطوة جريئة تعكس انفتاح المهرجان على آخر الابتكارات التكنولوجية في عالم الفن السابع. وقد بات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الأخيرة أداة إبداعية يعتمد عليها صناع السينما، سواء في كتابة السيناريو، تصميم الشخصيات، أو حتى في إخراج المشاهد السينمائية بالكامل.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>وتقوم أفلام الذكاء الاصطناعي على استخدام أدوات برمجية متطورة تعتمد على التعلم العميق (Deep Learning) ونماذج التوليد التلقائي مثل (GPT-4) و(Midjourney) و(Stable Diffusion) لإنتاج نصوص سينمائية، خلق صور رقمية، تحريك الشخصيات، وإضافة مؤثرات صوتية وبصرية بجودة تضاهي الإنتاجات التقليدية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الفيلم الأمريكي (AFI) سنة 2024، فإن أفلام الذكاء الاصطناعي باتت تمثل نحو 7% من الإنتاجات المعروضة في المهرجانات العالمية، وهو رقم مرشح للارتفاع مع تطور تقنيات التوليد التلقائي.</p> <p>&nbsp;</p> <p>من خلال تخصيص جائزة مستقلة لهذه الفئة، يسعى مهرجان عنابة إلى تحفيز المخرجين الجزائريين الشباب على استكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي في التعبير الفني، وإلى ترسيخ ثقافة الابتكار الرقمي في مجال السينما الوطنية.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p>عبد المالك بابا أحمد</p>

العلامات الثقافي