البلطيق من السيطرة السوفياتية الى أحضان الناتو 

2023-09-13 11:00:00

banner

<p>مصيرها مرهون بموقعها الجغرافي الحساس. قد تحسم من خلالها المعركة الأوكرانية المستعصية بين مطرقة الدب الروسي المرعب في شرقها و سندان أوروبا في غربها.</p> <p><br />قدرها ان تبقى حبيسة التوترات و الصراعات القديمة المتجددة بين القوتين.&nbsp;</p> <p><br />تمثل الخاسرة الرخوة لحلف شمال الأطلسي و بالنسبة لبوتين هي البلاد الهاربة من حيزه الإستراتيجي عدة مرات.</p> <p><br />دول البلطيق تنشب الٱن كقنبلة موقوتة على أعتاب الإنفجار فلماذا تعد معقل القلق بالنسبة لبوتين و قادة الغرب؟ و كيف تأثر على مصير الحرب الاكرانية؟<br />بين المطرقة و السندان<br />تعاني دول البلطيق أعلى مستوى من القلق تجاه ما تفعله جارتها الشرقية على الأراضي الأوكرانية.</p> <p><br />ستكون أول البلدان التي تمتد لها نيران القصف اذا تطور النزاع بالإضافة الى ذلك تحظى تلك المنطقة بأهمية إستراتيجية كبيرة جعلتها بؤرة للأطماع و التنافس الدولي الإقليمي بشكل مستمر.فقد طوقها الخناق السوفياتي في الماضي حتى استقرت بعد تفككه لتبدأ فصلا جديدا من تاريخها تجد فيه فرصة الاختيار: إما الانضمام للمعسكر الشرقي و اللعب ضد أمريكا و الغرب و إما الخيار الثاني الاكثر صعوبة الذي يغضب سيد الكريميلين.<br />&nbsp;تصاعدت طموحات القوى الدولية. كل طرف يسعى لكسب هذه الدول في صفه لزيادة تأثيره و نفوذه في تلك المنطقة.</p> <p><br />واشنطن و دول أوروبا حاولوا ذلك بمنحها عضوية حلف شمال الأطلسي و الإتحاد الأوروبي و في المقابل غازلتها روسيا بمبدإ الترابط الثقافي و الحضاري و التاريخي المشترك بينهما و بهذا تمثل المنطقة تقاطعا مهما بين موسكو و الغرب. و السؤال لماذا تحمل منطقة البلطيق هذه الاهمية الإستراتيجية الفائقة؟ و لماذا ينبض قلبها بالقلق من إحتمال انتقال الحرب الى أراضيها؟<br />استونيا، لاتفيا، ليتوانيا تلك هي الدول الثلاث التي تشكل منطقة البلطيق. و بحكم موقعها الجغرافي الخطير تقف في وجه العاصفة.</p> <p><br />تبدو و كأنها مطوقة روسيا من مختلف الجهات و لا مجال أمامها سوى البحر. فاثنتان منها و هما استونيا و لاتفيا تملكان حدودا مباشرة مع روسيا و تتشارك الدولة الثلاثة ليتوانيا شريطا حدوديا طويلاً مع بيلاروسيا التي تنشر موسكو على اراضيها أسلحتها النووية التكتيكية.</p> <p><br />بعد التصعيد العسكري في أكرانيا، نمت مخاوف الدول الثلاث من قدرة موسكو على عزلها عن بقية دول أوروبا و خصوصاً عبر فجوة "سوالكي" الخطيرة و هو من أكثر المواقع حساسية في أوروبا: ممر يتراوح عرضه بين 60 الى 100كم، يقع على الحدود البولندية الليتوانية بالقرب من إقليم كاليلينيغراد، و يضم 3مدن رئيسية و هي بونسك و سايني و سوفالكي. يحده كاليلينيغراد من الشمال الغربي و روسيا البيضاء من الجنوب الشرقي.</p> <p><br />تتمثل خطورته في تلك القوات العسكرية الروسية المتمركزة فيه. فجيب كاليليغراند يضم اكثر من 50 سفينة حربية تابعة لأسطول بحر البلطيق الروسي في ميناء بالطييسك الى جانب غواصات و قوات برية و لواء بحري و قاعدتين جويتين للجيش الروسي.فبالأساس، تعتبر روسيا أسطول بحر البلطيق حائط صد على حدودها الغربية لذلك زادت من تعزيزاتها العسكرية في منطقة كاليلينيغراد المطلة على بحر البلطيق الذي أصبح ممرا للتصعيد العسكري بعدما شكّل طوال العقود الثلاث الماضية ممرا للتجارة. و عليه يدرك حلف شمال الأطلسي ان سيطرة روسيا على هذا الممر ستشكل تهديدا جديا للحلف قد يؤدي الى عزل دول البلطيق و قطع مسار الاتصال بينها و بقية أعضاء الحلف ما يجعلها أكثر ضعف و يعرضها لضغوط سياسية و اقتصادية.&nbsp;</p> <p><br />لذا تناشد دول البلطيق الناتو لتعزيز وجوده العسكري بالمنطقة منعا للتأثير الروسي المحتمل الذي قد يؤثر على استقرارها و استقلاليتها ذلك بعد أن نسي العالم عقب انتهاء الحرب الباردة عام 1990 ان حربا عالمية ثالثة قد تحدث. لكن كل شيء تغير منذ فبراير 2022 بعد هجوم روسيا على اكرانيا الذي شكل صدمة عنيفة في حوض بحر البلطيق و جعله بشكل مفاجئ في قلب الأحداث خصوصاً بعد رفع العلم الفنلندي في ساحة حلف الناتو في بروكسيل في 4 من ابريل الماضي و كذلك السويد التي حذت حذو جارتها الفنلندية و صارت على أعتاب الناتو بضوء أخضر تركي. و بذلك تنبه الكريميلين ان بحر البلطيق اصبح تحت السيطرة الكاملة لحلف شمال الأطلسي و لم يتبق إلا تسميته ببحر الناتو.<br />بوتين مرعب البلطيق<br />بدأ توجس دول البلطيق يزداد منذ اليوم الذي ضمت فيه روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014.</p> <p><br />خافت ان تلقى المصير نفسه بعد أن تمتعت باستقلالها عن الإتحاد السوفياتي لأكثر من 3 عقود.</p> <p><br />تشير أبحاث مؤسسة تيراند الامريكية الى ان استونيا و لاتفيا و ليتوانيا يمثلون قلقا و عبء بالغا على الناتو فهم الاكثر تعرضا للتهديدات الروسية بحكم الواقع الجغرافي و صغر حجمهم و قلة سكانهم اضافة لوجود اسلحة روسية دفاعية و هجومية متطورة في كالينينغراد في مقابل قدرات دفاعية محدودة للغاية لدى دول البلطيق. لذا اذا حدث تدخل روسي في تلك البلاد فسيكون من الصعب احتواءه. فبلدان البلطيق وفقا لوصف مؤسسة "تيراند" عاجزة تماما عن حماية نفسها من أي اعتداء روسي بدون مساعدة خارجية. كما ان استونيا و لاتفيا متاخمتان لروسيا يعيش فيهما أقليات روسية. فهناك قلق من ان تسعى موسكو لإستعمال أقلياتها لكسب النفوذ في منطقة البلطيق او دعم منطقة ترغب بالانفصال أو تستولي على اراض بلطيقية ما سيظهر فشل الناتو في حماية أعضائه الواقعين أقصى شرقه و يضعف الأجندة الأكبر الرامية الى التوسع الأوروبي الأطلسي.</p> <p><br />و في التقرير نفسه، اوصى الباحثون الناتو بإرسال قوات برية و جوية للبلطيق لردع الدب الروسي خصوصاً ان في ابريل 2017 اعلن جهاز المخابرات الليتواني ان موسكو طورت قدرتها على الهجوم على دول البلطيق في غضون 24 ساعة فقط مايعيق قدرة حلف الناتو على إرسال تعزيزات و يقصر خياراته على القوات العسكرية الموجودة بالفعل في المنطقة.</p> <p><br />البلطيق بؤرة قابلة للانفجار في أي وقت خصوصاً عندما تتقاطر قوات من حلف شمال الأطلسي في كل لحظة تشعر فيها ان الدب الروسي يتململ في حوض بحر البلطيق. فخلال السنوات الاخيرة كثفت الدول البلطيقية من استعداداتها و جهوزيتها العسكرية بدعم الناتو و رفعت الدول الثلاث تكاليف تسليحها الى ملياري دولار في 2019 بزيادة تقدر بضعف الرقم الذي كان 950 مليون دولار في 2005 و طالبت واشنطن بتعزيزات اكبر في المنطقة لطمأنتها. و بالفعل تزداد اعداد قوات الناتو تدريجيا في المنطقة رغم الغضب الروسي حتى وصلت الى 7 الاف جندي إلا أنها لا تزال بعيدة عن مضاهاة قوة موسكو في مناطقها الغربية لذا ترغب دول البلطيق في مزيد من الدعم العسكري خشية قبضة بوتين الساحقة. كما تجري المناورات العسكرية بانتظام على الاراضي الليتوانية قرب الحدود. فالبلطيق عينها على ما تفعله موسكو في بيلاروسيا المجاورة و ما يعنيه ذلك لامنها. حيث يتواجد الاف الجنود الروس على الأرض في بيلاروسيا. و لا يقتصر الأمر فقط على التأهب و الجاهزية لدى القوات المسلحة لدول البلطيق و لا حتى باستدعاء الشباب من سن 19 عاما للتجنيد الاجباري. بل ان التوعية و التعبئة النفسية تكاد تطال كل السكان بمن فيهم الأطفال في المدارس و ذلك بنشر الكتب و النشرات التحذيرية و التثقيفية في حال حدوث أي تحرك روسي محتمل. و خصوصا ان موسكو يمكن ان تتحدى الناتو من خلال اللعب بورقة البلطيق. و منذ ان عزز الناتو قواته على أبواب روسيا شدد الكريميلين أمنه العسكري على المحورين الغربي و الشمالي الغربي. و في الٱونة الاخيرة أطلقت القوات الروسية مناورات واسعة النطاق تحت أسم "اوشين شيلد" باشراف الادميرال "نيكولا يافمنوف" قائد القوات البحرية الروسية. تشمل مشاركة 30سفينة حربية و 20 سفينة دعم و 30 مسيّرة تابعة لسلاح الجو بالإضافة الى حوالي 6000 عسكري بهدف فحص استعدادات القوات البحرية لحماية المصالح الروسية في تلك المنطقة و ذلك ردا على المناورات الضخمة التي أجراها الناتو في بحر البلطيق تحت قيادة الاسطول السادس الامريكي. و شاركت في هذه المناورات فنلندا المرة الاولى في تمرين " بال توبس 23".</p> <p><br />أما قطع الغاز الروسي عن دول البلطيق و عن وسط القارة العجوز و غربها فهو تهديد استراتيجي ٱخر تواجهه البلطيق منذ اندلاع الحرب اذ تنقل شركة "غاز بروم" الغاز الروسي الى الشمال الاوروبي و منه الى قلب ألمانيا و اعد ابرز شركة غاز روسية و مقرها سانت بطرسبرغ أهم مرافئ تصدير الغاز في العالم. و تعتمد دول البلطيق الثلاث على الغاز الروسي بنسبة تفوق 90%. و في ظل تهديدات روسيا &nbsp;بقطع الغاز شهدت مياه البلطيق تسربا للغاز في 4 مواضع &nbsp;مختلفة يرجّح ان يكون متعمدا و ذلك في خط انابيب نورد ستريم وفق ما أعلنته الحكومتان السويدية و الدنماركية ما اضر بالاقتصادات الغربية و أدى إلى ارتفاع اسعار الغاز و يمثل هذا الخط أحد أهم النقاط الساخنة في حرب الطاقة المتصاعدة بين أوروبا و موسكو.<br />من السيطرة السوفياتية الى أحضان الناتو&nbsp;<br />منذ فجر التاريخ كان بحر البلطيق أحد البحار الثلاثة التي شكلت استراتيجية التوسع الروسية بالإضافة &nbsp;الى محاولات عديدة من قبل أوروبا للسيطرة عليه لفرض نفوذها في الشمال الأوروبي و محاولة للتوسع نحو الشرق.&nbsp;</p> <p><br />و تعد حرب الشمال العظمى التي جرت في الفترة بين 1700و 1721 واحدة من أهم الحروب التي حدثت في منطقة البلطيق. تصارعت فيها قوى الشمال الأوروبي لحيازة الزعامة فيما بينها و السيادة على البلطيق و على رأسها روسيا و السويد. و كانت السويد في القرن 17 القوة الشمالية العظمى و كان البلطيق أشبه ببحيرة سويدية. فقد حول الملك" قوستاف اودولف" البلد الى قلعة عسكرية على ذلك البحر لولعه بالحرب و انخرط في حرب الثلاثين عاما التي جرت بين 1618 و 1648 التي انتهت بصلح واستفاليا الشهير عام 1648. لتخرج السويد قوة اوروبية عظمى لها السيادة على بحر البلطيق و دفع هذا النفوذ السويدي دولا شمالية ابرزها بولاندا و الدنمارك إلى الانضمام للقيصر الروسي في حربه التي بدأها ضد السويد في مستهل القرن 18 طمعا في تقسيم املاك السويد &nbsp;الشاسعة على البلطيق. و لعل بناء مدينة سانت بطرسبرغ كان من أهم ثمرات هذا التحالف. اذ كانت المدينة رأس الحربة الروسية &nbsp;الموجهة نحو غرب أوروبا و شمالها الى ان اندلعت الحرب العالمية الاولى فخلالها نشبت الثورة الروسية و أنهت الامبراطورية القيصرية و عندما انتهت الحرب قاومت شعوب البلطيق محاولات الأتحاد السوفياتي الجديد ٱنذاك لاستعادة السيطرة عليها. و في عام 1920 وقّعت الدول البلطيقية معاهدة سلام مع السوفيات لنيل استقلالها. لكن هذا الاستقلال لم يستمر طويلاً. فبعد فترة قصيرة من بداية الحرب العالمية الثانية أجبر الزعيم السوفياتي "جوزاف ستالين" قادة دول البلطيق على السماح للقوات السوفياتية بدخول أراضيهم. و تم تأسيس حكومات شعبية فيما بعد في البلدان الثلاثة لتصبح ثلاث جمهوريات سوفياتية بعد أن ضمها ستالين الى الاتحاد في اغسطس عام 1940. و بعدها بعام، غزت ألمانيا الاتحاد السوفياتي إضافة الى دول البلطيق التي فقدت كثيرا من سكانها خلال تلك الفترة.</p> <p><br />&nbsp;بحلول عام 1945 استعاد السوفيات دول البلطيق مرة اخرى و ظلت شعور البلطيق تكافح للحصول على استقلالها مجددا.</p> <p><br />و قد تحقق ذلك في أوائل التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. و شهدت دول البلطيق في عام 1990 انتخابات ديمقراطية انتهت بفوز الاحزاب المؤيدة للاستقلال عن الأتحاد السوفياتي و تم الاعتراف الدولي باستقلال دول البلطيق و تم قبول عضويتها في الأمم المتحدة في وقت لاحق بعد انسحاب القوات الروسية منها اخر اغسطس 1994.</p> <p><br />و لم تعد روسيا تحتفظ سوى بمنفذ ضيق على البحر : سانت بطرسبرغ و جوارها الواقع في عمق خليج فنلندا الى جانب منطقة كالينينغراد المحصورة بين بولاندا و ليتوانيا.</p> <p><br />فتح هذا الاستقلال مرحلة جديدة في تاريخ البلطيق حيث تمتعت تلك الدول بنمو اقتصادي مستدام و سعت الى التكامل مع أوروبا الغربية كهدف استراتيجي رئيسي و دخلت تحت المظلة الاوروبية الأطلسية فصارت الدول الثلاث اعضاء في الناتو و الاتحاد الاوروبي منتصف 2004 و فيما بعد انضمت لمنظمة التعاون الأقتصادي و التنمية و اعتمدت اليورو عملة رسمية لها. و تواكبا مع التغييرات السياسية و التحول الديمقراطي، خضعت اقتصاداتها لعملية أصلاح و اندمجت في السوق الاوروبي و شهدت انخفاضا نسبيا في معدل التضخم الى ما دون 5% بحلول &nbsp;عام 2000 و في الوقت الحاضر تصنف هذه الدول الثلاث على انها اقتصادات عالية الدخل من قبل البنك الدولي و تحافظ على مستويات مرتفعة في مؤشر التنمية البشرية و رغم ذلك التطور فإن النظام السياسي في بلدان البلطيق لا يزال يتصف بالضعف ما ادى الى بقاءها دولا ضعيفة هشة. ففي مرحلة ما بعد الاستقلال صارت تتجاذبها كل من روسيا على الطرف الشرقي و الدول الغربية الأطلسية متمثلة في الولايات المتحدة الامريكية و الاتحاد الاوروبي على الطرف الغربي.</p> <p><br />كل من الطرفين يسعى الى مد نفوذه و تحقيق مصالحه في دول البلطيق و الغابة الى الآن للطرف الغربي الذي استطاع استقطاب تلك الدول و ضمها الى حضيرته.</p> <p><br />و قبل ايام أكد رؤساء وزراء دول البلطيق ان الدول الثلاث ستنضم لمجموعة السبع لدعم اكرانيا و مدها بمساعدات سياسية و عسكرية و مالية و اقتصادية مستمرة و محاسبة روسيا و الزامها بالتعويض عن الضرر الناجم عن هجومها على اوكرانيا.<br />حوض البلطيق الاستراتيجي<br />أسمته الشعوب السلافية القديمة بحر "فارانغيان" و عرفته شعوب شمال أوروبا قبل 2000سنة بالبحر السويدي و في ألمانيا يقولون البحر الشرقي.</p> <p><br />أما بحر البلطيق فجاء من التسمية اللاتينية القديمة "ماري بلطيكوم" و هي تسمية اطلقها "ادم البريميني"،احد النبلاء المشهورين في العصور الوسطى في ألمانيا نسبة الى جزيرة بالطيا التي تقع بالبحر و يرجع تسميتها الى الرومان.</p> <p><br />يعدٌ بحر البلطيق جزء من المحيط الأطلسي و يذهب عميقا في شمال القارة الاوروبية حيث تحيطه شبه الجزيرة الاسكندينافية و أوروبا الوسطى و أوروبا الشمالية و أوروبا الشرقية و الجزر الدنماركية.</p> <p>يتصل بخليج "كاتيجات" عن طريق مضيق "اورسنت".و يكمل كاتيجات مساره الى بحر "سكاغيراك" و منه الى بحر الشمال وصولا الى المحيط الأطلسي.&nbsp;</p> <p><br />تقع على بحر البلطيق العديد من الموانئ التي تمتلكها عدة دول منها الدنمارك و ألمانيا و استونيا و فنلندا و السويد و ميناء لينينغراد الروسي الشهيرة.<br />كما توجد عدد من الجزر فيه و هي تابعة لتلك الدول المشاطئة له. من اهمها جزيرة "غوتلاند" السويدية جزيرة "صاريما" الاستونية الجزيرة الدنماركية "مورينهولم" جزيرة "اولندا" التي كانت تابعة للسويد و حاليا تتبع فنلندا.</p> <p><br />1610كم هو طول بحر البلطيق و 193 كم عرضه مساحته 377 الف كم مربع و حجم مياهه 21الف كم مكعب. يزيد طول شواطئه عن 8000كم.&nbsp;<br />يعد البلطيق بحرا ضحلا بمتوسط عمق 55م و مياهه تصنف بأنها مسوسية اي بين المالحة و العذبة.</p> <p><br />كان مصطلح دول البلطيق يستخدم حتى اوائل القرن العشرين لوصف البلدان المجاورة لبحر البلطيق التي تشمل السويد و الدنمارك و احيانا ألمانيا و الامبراطورية الروسية. لكن بعد تأسيس رابطة الشمال الاوروبي، تغير الاستخدام المعتاد للمصطلح فلم يعد يشمل السويد و الدنمارك. و بعد الحرب العالمية الاولى نشأت دول جديدة ذات سيادة على الساحل الشرقي لبحر البلطيق و هي استونيا و لاتفيا و ليتوانيا و اصبحت هذه الدول تعرف باسم دول البلطيق.</p> <p><br />تقع هذه الدول على الشواطئ الشرقية لبحر البلطيق الذي يحدها من الجهة الغربية و الجهة الشمالية و تحدها كل من بولندا و جزء من روسيا من الجهة الجنوبية الغربية و من الشرق تحدها روسيا.</p> <p><br />بحر البلطيق له اهمية قصوى كونه منطقة مائية ضخمة تحدها عدة دول اوروبية. فإلى جانب دول البلطيق الثلاث، هناك دول مطلة على البحر مباشرة و هي ألمانيا و بولندا و روسيا و السويد و الدنمارك و فنلندا. و هناك دول واقعة في حوض تصريف البحر لكنها لا تطل عليه. و هي روسيا البيضاء أو بيلاروسيا و جمهورية التشيك و النرويج و سلوفاكيا و أكرانيا.</p> <p><br />تتميز دول البلطيق الثلاث بنفس الظروف المناخية القاسية و الثقافات و التقاليد و بعدد سكانها القليل حيث أنها مجتمعة يعيش فيها نحو 6 ملايين نسمة:&nbsp;<br />استونيا البالغة مساحتها 45ألف كم مربع عدد سكانها 1.3 مليون نسمة عاصمتها "تالين" و تعد من أكثر الدول تقدما بين جارتيها.<br />لاتفيا 64 ألف كم مربع تأوي 1.9 مليون نسمة و عاصمتها "وريغا".</p> <p><br />لتوانيا 65 ألف كم مربع تضم 3 ملايين نسمة و عاصمتها "فيلنيوس".</p> <p><br />لا تشكل هذه الدول الثلاث اتحادا رسميا لكنها تتشارك في التعاون الحكومي الدولي و البرلماني فيما بينها و من أهم مجالات التعاون السياسة الخارجية و الأمنية و الدفاع و الطاقة و النقل.</p>

العلامات رأي

مخيم "أمبرة".. معاناة اللاجئين اللامحدودة

2025-09-06 16:40:00

banner

<p>على بعد 50 كيلومتراً من الحدود الموريتانية-المالية، وبالقرب من مدينة "باسكنو"، كبرى حواضر الشرق الموريتاني، يقع مخيم "أمبره" الذي يمتد على مساحة كبيرة تجعل منه "مدينة خيام" تحتضن عشرات إلى مئات آلاف النازحين الماليين الهاربين من جحيم حرب لا تهدأ إلا لتزداد اشتعالا.</p> <p>ووفقاً للتقديرات الأممية، يتجاوز عدد قاطنيه الـ 200 ألف، حيث يشكل مخيم "أمبره" الوجه الآخر للمأساة التي تعيشها دولة مالي، ومشهد يعيد فيه التاريخ المالي نفسه على الأراضي الموريتانية، حيث يتزايد عدد اللاجئين فيه باستمرار كلما تجددت الاشتباكات، بفعل التدخلات الدولية في شمال مالي بين الجماعات المسلحة والقوات الحكومية.</p> <p>وبحسب تقارير حقوقية وأممية فإن المخيم يشهد أوضاع إنسانية مأساوية، يأتي ذلك وسط فوضى أمنية يعيشها السكان في شمال مالي، بسبب الصراعات التي تشهدها المنطقة نتيجة التدخلات الخارجية الغربية .</p> <p>&nbsp;ويجري استغلال معاناة سكان المخيم وحاجتهم من قبل بعض الدول الأفريقية والأوربية بهدف التسويق للدعاية السياسية التي تخدم مصالحهم.</p> <p>روايات متضاربة وسرديات متناقضة لسكان المخيم تثير الشبهات</p> <p>في سياق متصل، قام وفد من "المنظمة الدولية للهجرة" بزيارة مخيم "أمبرة" لتفقد المخيم والاطلاع على أحوال اللاجئين هناك. حيث قام الوفد بجولة ميدانية في المخيم والتقى عدد كبير من اللاجئين وتفقد المرافق الحيوية للمخيم واستمع لمطالب وأحوال قاطنيه.</p> <p>وبحسب مصادر صحفية مرافقة للوفد، فقد قدم اللاجئون للوفد الأممي روايات متضاربة ومعلومات متناقضة حول تفاصيل رحلة لجوئهم وأسباب اللجوء وما حدث معهم قبل وبعد وصولهم للمخيم. ووفقاً لمصادر من ضمن الوفد الأممي، فإن عدد كبير من اللاجئين عرض على الوفد الدولي تقديم الرواية التي تناسبهم، أي امتداح الخدمات بالمخيم، مقابل مبالغ مالية، مما يثير الشكوك والشبهات حول مدى صحة ودقة الروايات والقصص التي تنقلها المنظمات الدولية والحقوقية عن سكان المخيم.&nbsp;</p> <p>ووفقاً للخبراء، فإن كل ذلك يشير إلى أنه من المحتمل أن بعض الجهات والمنظمات قد عرضت بوقت سابق مبالغ مالية على اللاجئين مقابل تقديم روايات وشهادات تناسبهم.<br />&nbsp;&nbsp;<br />ووفقاً للمصادر الصحفية نقلاً عن أحد سكان المخيم، فإن اللاجئين يأتون إلى المخيم وهم يحملون روايات متعددة حول الأوضاع في مدن شمال مالي، مع استعداد مسبق منهم لتقديم الرواية التي تناسب من يقدم لهم المال مقابل تلك الرواية، وبحسب المصدر فإنه ورغم تضارب الروايات فإن الخوف يبقى هو الرابط الوحيد بينها.</p> <p>وبحسب خبراء ومراقبين فإن الأوضاع الإنسانية والخدمية السيئة في المخيم، تجعله عرضة للاستغلال السياسي والإعلامي، وتجعل التقارير حول أوضاع اللاجئين فيه عرضة للتشكيك بمصداقيتها ولا يمكن الاعتماد عليها. لذا من الضروري تشكيل لجان دولية مستقلة لزيارة المخيم والوقوف بموضوعية حول أوضاع اللاجئين وتقديم تقارير محايدة بخصوص الأوضاع هناك.&nbsp;</p> <p>ووفقاً للخبراء، فإن كل ذلك يشير إلى أن سكان المخيم يعيشون بأوضاع مأساوية تحتاج لمعالجة سريعة، وبالتالي من الضروري تحسين الأوضاع الخدمية والإنسانية وتوفير المساعدات للاجئين كأولوية لحل الملفات الأخرى.</p> <p>أوضاع سيئة.. التحديات والأزمات الإنسانية بمخيم "أمبرة"</p> <p>وفقاً لمصادر صحفية وشهود عيان ومصادر من داخل المخيم، فإن المخيم يعاني من كثير من المشكلات الخدمية والإنسانية، حيث يتجاوز عدد سكان المخيم قدرته الاستيعابية مما يشكل ضغطًا على الموارد المحلية.&nbsp;<br />وبحسب المصادر، يواجه اللاجئون صعوبات في تلبية احتياجاتهم الأساسية، ويتعرضون لخطر نقص الغذاء والمجاعة بسبب نقص التمويل للمساعدات الإنسانية.</p> <p>وتستضيف موريتانيا اللاجئين بدعم من منظمات دولية مثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والبرنامج العالمي للأغذية. وتواجه تحديات تتعلق بتوفير الموارد الأساسية والضغط الاقتصادي باعتبارها دولة مضيفة.&nbsp;<br />وتقول الحكومة الموريتانية إنها تسعى إلى توفير الوسائل الضرورية للحياة الكريمة التي يحتاجها اللاجئون. لكنها لا تخفي مخاوفها من الفوضى وعدم الاستقرار.<br />وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني قد قال في وقت سابق في تصريح لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، بأن تدفق اللاجئين كلف موريتانيا أثمانا باهظة على صعيد الأمن والاستقرار .</p> <p>وكانت بعض التقارير الحقوقية وتقارير بعض الخبراء المستقلين، أشارت إلى أن بعض الدول الغربية والأفريقية المجاورة لمالي قامت باستغلال ورقة مخيم "أمبرة" وشهادات اللاجئين لأهداف سياسية رخيصة تخدم مصالحها.</p> <p>&nbsp;</p> <p>الكاتب .. عبدالرحيم التاجوري .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية</p>

العلامات رأي

سوريا أمام مفترق طرق

2025-09-03 12:22:00

banner

<h2>لا تزال سوريا تمر في مرحلة انتقالية بالغة التعقيد بدأت بعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، حيث تواجه تحديات جسيمة تعيق بناء الدولة الجديدة، أبرزها الانقسامات المجتمعية العميقة وانهيار البنية الأمنية وتدخل القوى الخارجية المتنافسة. في هذا السياق المتأزم، برز مفهوم الفيدرالية كحل مطروح لإدارة التنوع المجتمعي ومنع التفكك، لكنه أيضًا يثير مخاوف مشروعة من التقسيم وتفكك الوحدة الوطنية.</h2> <p>&nbsp;</p> <p><strong>التحديات الرئيسية</strong></p> <p>تواجه سوريا أزمات متعددة ومعقدة، حيث تفاقمت الانقسامات الطائفية والقبلية بشكل كبير، وقد تجلت بوضوح في الأحداث الدامية التي شهدتها محافظة السويداء بين مجتمع الدروز والبدو العرب، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى وعمليات تهجير قسري واسعة النطاق. وتواجه الحكومة المركزية الجديدة صعوبات جمة في فرض سيطرتها الفعلية على الميليشيات المسلحة المنتشرة في مناطق مختلفة، والتي تتصرف أحياناً كدول داخل الدولة.</p> <p>كما يستمر التدخل الخارجي في تعقيد المشهد السوري، حيث تُتهم إسرائيل بدعم جماعات مسلحة في منطقة السويداء، بينما تسعى دول إقليمية ودولية مثل تركيا وفرنسا والولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الاستراتيجية عبر دعم فصائل مختلفة. ويُضاف إلى هذه التحديات الانهيار الاقتصادي الكبير الذي تعانيه البلاد، حيث تدهور القطاع الخدمي بشكل غير مسبوق، ووصلت البطالة إلى معدلات قياسية، مما يزيد من معاناة الشعب السوري.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>مفهوم الفيدرالية في السياق السوري</strong></p> <p>نظام الفيدرالية يعني نظاماً لا مركزياً يمنح المناطق المختلفة حكماً ذاتياً واسعاً في إدارة شؤونها المحلية، مع الحفاظ على وحدة الدولة المركزية. في سوريا، هذا المفهوم ليس جديداً بالكامل؛ فقد جرى الترويج له منذ عهد الانتداب الفرنسي عندما قسمت فرنسا سوريا إلى دويلات طائفية وإثنية.</p> <p>وفي الوقت الراهن، تفرض "الإدارة الذاتية" التي تقودها قوات سوريا الديمقراطية، في مناطق الشمال والشمال الشرقي واقعًا إداريًا وأمنيًا منفصلًا عن دمشق منذ سنوات، ويبدو أن إعلان الانفصال الرسمي عنها أصبح مسألة وقت فقط، خصوصًا في ظل الانسداد السياسي القائم في البلاد.</p> <p>يرى مؤيدو الفيدرالية في سوريا اليوم أنها ضمانة أساسية لحماية حقوق الأقليات وتحقيق توزيع عادل للسلطة والثروة بين مختلف المناطق، مستشهدين بنماذج دولية ناجحة مثل سويسرا وكندا والعراق.</p> <p>&nbsp;بينما تعارضه الحكومة المركزية بشدة، معتبرة إياه بوابة للانفصال وتكريساً للانقسامات الطائفية والإثنية، ومشيرة إلى مخاطر تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية.</p> <p>الأحداث الدافعة للمطالبة بالفيدرالية أعطت أحداث العنف الأخيرة دفعة قوية للمطالبات بتبني نظام فيدرالي، خاصة بعد أحداث الساحل السوري الدامية في مارس 2025، حيث تعرض المدنيون العلويون لهجمات انتقامية واسعة النطاق، قُتل فيها 1426 شخصاً معظمهم من المدنيين، بينهم 90 امرأة، خلال ثلاث أيام، وكذلك أزمة السويداء في يوليو التي أسفرت عن سقوط أكثر من 400 قتيل وتأسيس ما يسمى بـ"الحرس الوطني" المحلي.</p> <p>هذه الأحداث الأليمة عززت فقدان الثقة المتزايد في قدرة الحكومة المركزية على فرض الأمن وحماية المدنيين، مما دفع مناطق مختلفة كالسويداء والشمال الشرقي إلى المطالبة بحكم ذاتي وإدارة محلية لأمنها وشؤونها. وقد عبرت هذه المطالب عن نفسها عبر تشكيل مجالس محلية ومطالبات علنية بأنظمة حكم لا مركزي.</p> <p>وفي تطور جديد ومهم، أُعلن في 28 أغسطس الجاري عن تشكيل "المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا" بمشاركة شخصيات سياسية واجتماعية من مجتمعي العلويين والسنة من محافظتي اللاذقية وطرطوس وأجزاء من حمص وحماة. حيث يطالب المجلس الجديد بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي وصياغة دستور جديد، ويرفض حكومة دمشق الحالية التي يصفها بحكومة "اللون الواحد"، كما يدعو إلى إقامة عدالة انتقالية تشمل إحالة مجرمي الحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتبني نظام فيدرالي يحقق العدالة ويحفظ حقوق المكونات المختلفة ضمن وحدة الأراضي السورية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>الخلاصة</strong></p> <p>تقف سوريا اليوم على مفترق طرق مصيري، فأما الاستمرار في النموذج المركزي التقليدي الذي أثبت فشله في تحقيق الاستقرار والعدالة، أو تبني نموذج لا مركزي يحفظ الوحدة الوطنية مع الاعتراف بالتنوع الغني للمجتمع السوري.</p> <p>النظام الفيدرالي قد يكون طريقاً واقعياً للمصالحة الوطنية إذا ما نُفذ ضمن عقد اجتماعي جديد عادل، يراعي الخصوصيات الثقافية والدينية ويضمن توزيعاً متوازناً للسلطة والثروة. لكن نجاح هذا النموذج يتطلب حواراً وطنياً شاملاً يشارك فيه جميع المكونات السورية، وإرادة دولية حقيقية داعمة لبناء سوريا جديدة تقوم على أسس المواطنة المتساوية والسلام الدائم.</p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>الكاتب الدكتور محمد صادق: الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط والعلاقات الدولية</strong></p>

العلامات رأي