أبناء الشعب يطيحون بمشروع ديغول و"الجزائر الفرنسية"
2025-01-25 20:10:49
<!-- wp:paragraph --> <p>عندما نزل ديغول بمطار زناتة خلال زيارته الثامنة والأخيرة للجزائر، كان قد أطلق كل قواته العسكرية في عمليات ما يسمى "البساط الساحق" للقضاء على جيش التحرير الوطني عسكريا، من خلال عمليات شال، ولم ينتبه الجنرال ديغول أن الامر لا يتعلق بمنظمة أو جيش بل قضية شعب لم يتوقف عن الصمود والقتال ومواجهة مخططات الابادة الاستعمارية الفرنسية منذ 130 سنة.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>جاء ديغول وفي حسابه فقط كيف يتجاوز تعنت المستوطنين الكولون الذين جاؤوا به إلى السلطة بانقلاب، ولم يثقوا فيه عندما فهم الوضع وفقه أن فرنسا كدولة مهددة بالدمار إن لم تعترف لهذا الشعب بحقه في تقرير مصيره .. ديغول جاء شبه مطمئن، يصافح في تيموشنت من جاؤوا ليهتفوا بحياته وبسياسته الجديدة في الجزائر "الجزائر الجزائرية"، ويهرب من الكمائن التي نصبها له غلاة الجزائر الفرنسية في المدن الكبرى الذين أعلنوا إضرابا عاما وأرادوا الاطاحة به لفرض "الجزائر الفرنسية".</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>الجنرال لم يفكر دقيقة أن هناك طفلة اسمها صليحة وتيقي استشهدت مع العشرات من النساء والشبان والاطفال لإفشال مشروع ديغول ومعارضيه الاستعماريين في الجزائر، عمر صليحة ضعف سنوات الحرب التي أطلقت في أول نوفمبر 1954.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p> كانت بتاريخ 11 ديسمبر 1960 بحي بلكور العتيق مع من خرج من أبناء الحي والأحياء المجاورة تحت زغاريد النساء من على أسطح البنايات، رافعين الرايات الوطنية، رافضين البقاء تحت راية المستعمر. </p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>كانت الشهيدة الصغيرة صليحة تلعب أمام بيت أهلها، وابتهجت بالمظاهرة التي حدثت في اليوم الفارط وبزهو الأعلام الوطنية التي كانت سلاح الشعب الوحيد في مواجهة قوات المظليين والشرطة وقطعان الأقدام السود وعصابة عنصريي جبهة الجزائر الفرنسية.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>والتحقت بجموع المتظاهرين مرددة الأناشيد الثورية ومتتبعة الراية الوطنية التي كان يحملها أحدهم. وكانت على غرار الآلاف تنادي بحياة الجزائر مقتحمين الحاجز الذي وضعته قوات القمع، القبعات الزرقاء، كانت صليحة فرحة بتجاوزها الحاجز، ولما رأى الشاب حامل الراية فرحتها وفخرها حملها على كتفيه لتحمل الراية الجزائرية عاليا، وبمجرد دخول الموكب الحي الأوروبي قابل الأوروبيون مشهد الملاك صليحة -حاملة العلم الذي يزعجهم- بالعنف، عندها سمعت طلقات الرصاص من شرفات المنازل، هذه الطلقات كانت مصوبة نحو صليحة والمتظاهرين السلميين العزل من السلاح، واستشهدت ابنة الـ12 ربيعا، فريد مغلاوي أيضا طفل ابن العشر سنوات لم يتقبل نزع رجل أمن العلم الوطني من أحد المتظاهرين فانقض الطفل على العلم وافتكه من الشرطي، ليستشهد بطلقات مسدس رشاش، ملتفا في العلم الذي انتزعه.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>الشعب، الذي لم يحسب له أحد حسابا في أيام 10 و11 و12 ديسمبر قلب الموازين، متحديا الرصاص والقتل بأياد فارغة وواصل المواجهة بالخروج يوميا في اغلب المدن الجزائرية يقدم مئات الشهداء ولم يتوقف حتى السادس عشر من ديسمبر عندما طلب منه رئيس الحكومة المؤقتة ذلك. </p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>أعلنت الحكومة العامة يومها عن مقتل بالعاصمة فقط 120 من بينهم 112 مسلم ولم نحص حتى اليوم قتلانا في أحداث ديسمبر لكن ديغول أثبت أنه مجرم بإعادة قتل متظاهرين جزائريين بباريس بعد عام من مظاهرات ديسمبر بالجزائر.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>نعم صنع الشعب البسيط يومها الحدث، وأعاد ترتيب الأمور ودفعها كما أراد في اتجاه الحرية الكاملة والسيادة، رافضا الغلاة والاستقلال المزيف كما حدث مع بعض مستعمرات فرنسا.. نعم أسقط أسطورة "الجزائر الفرنسية". </p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>المكان الذي سقطت فيه الوردة صليحة وكان مسرح الإطاحة بالاستعمار ومشروع ديغول كان قبل 24 سنة من تلك الأحداث في 2 أوت 1936 أطاح بمشروع لا يقل خطورة عن مشروع ديغول مشروع إلحاق الجزائر بفرنسا كما طالب بذلك وفد المؤتمر الإسلامي حيث رفع وقتها الشعب زعيم نجم شمال افريقيا الذي صاح في وجه الاندماجيين "هذه الأرض ليست للبيع".</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph --> <p>منتصر البترون</p> <!-- /wp:paragraph -->
نظام ماكرون يواصل التخبط !
2025-01-23 06:00:00
<p dir="rtl">بعد أشهر من التصعيد الإعلامي والسياسي الفرنسي ضد الجزائر وتوجيه شتى الاتهامات لبلادنا بأنها تسعى لضرب استقرار فرنسا، والتهديد بإلغاء اتفاقية 1968 وبالتدخل بالقوة في الجزائر لإطلاق سراح الكاتب المتصهين الجزائري قبل أن يكون فرنسيا بوعلام صنصال، وبعد أن فشلت كل محاولات نظام ماكرون لي ذراع الجزائر بتوقيف رواد مواقع التواصل من الجالية الجزائرية والتهديد بالمتابعة القضائية والترحيل الأمر الذي رفضته الجزائر ، ورفضت استقبال أحدهم دون محاكمة، وأمام لا مبالاة وصمت السلطات في الجزائر وعدم تفاعلها مع تصريحات المسؤولين الفرنسيين، حتى أنها لم ترد على طلب وزير خارجيتها للقدوم إلى الجزائر لبحث حل لما أسماه الأزمة القائمة بيننا، خرج أمس وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو بتصريح أقل ما يوصف أنه " محاولة منه لحفظ ماء وجه رئيسه وحفظ ما تبقى من كرامة لفرنسا ،حيث قال أنه " آن الأوان لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر".</p> <p dir="rtl">والمقصود من تطبيعها حسب الوزير الفرنسي " تجريدها من العاطفة وإبداء أخيرا علاقة الند للند، وبدون أحكام مسبقة، وبدون استعمال حق الذاكرة في كل مرة بتوجيه الاتهامات إلى فرنسا على أحداث الماضي". وكمحاولة أخرى للضغط على الطرف الجزائري وكتهديد مبطن، ذكّر روتايو الجزائر حتى لا تنسى "بأن فرنسا هي سادس قوة عسكرية في العالم".</p> <p dir="rtl">منتهى التخبط وقع فيه نظام ماكرون الذي يصطدم لأول مرة بالحقيقة الجزائرية، فهو لم يصدق أن الجزائر ترفعت عن مطلب وزير خارجيته الذي قال إنه مستعد للقدوم إلى الجزائر إن قبلت السلطات الجزائرية بذلك لإيجاد حل للأزمة، حتى أن الصحفية التي حاورته لم تفهم كيف لم ترد الجزائر على طلب فرنسا الدولة القوية؟<span class="Apple-converted-space"> </span></p> <p dir="rtl">لكن روتايو الذي يسعى لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر على حد قوله، ويقول أنه حان بناء علاقات الند للند، يعترف ضمنيا أن فرنسا لا تزال تنظر للجزائر ولكل مستعمراتها السابقة بنظرة استعلائية مثلما صرح به ماكرون منذ أيام عندما أعاب على البلدان الأفريقية نكرانها لجميل بلاده، ولا أدري على ماذا تشكرها هل على استعمارها ونهب ثرواتها وقتل شعوبها والاستمرار في إذلالها بفرض حكام عملاء لها لتستمر في استغلالها ومنع شعوبها من الاستقلال الفعلي.<span class="Apple-converted-space"> </span></p> <p dir="rtl">علاقة الند للند التي تحدث عنها روتايو ليست اختيارا فرنسيا، بل هذا ما فرضته عليها الجزائر التي طالبت فرنسا دائما بتغيير نظرتها وطريقة تعاملها معها، فالجزائر ليست كمستعمراتها السابقة التي منحتها الاستقلال مثل المغرب الذي ما تزال تعيث فيه فسادا بل الجزائر ناضلت من أجل حريتها وافتكت استقلالها وحرية شعبها بأنهار من الدماء وبملايين الشهداء، وهي لن تقبل إلا بعلاقات احترام مستحق فيما لا تستحق فرنسا أدنى احترام نظرا للجرائم التي اقترفتها ضد شعبنا.</p> <p dir="rtl">فهل يستحق بلد تأوي متاحفه آلاف الرؤوس لشهداء مستعمراتها؟ ليس لماكرون ولا أحد من وزرائه الحق أن يملي علينا نوعية علاقاتنا وليس لهم أن يشترطوا علينا التخلي عن الذاكرة وألا نذكر في كل مرة فرنسا بما اقترفته من مظالم، فهذا حقنا الذي لن يسقط بالتقادم وهو الكابوس المزعج لفرنسا وكل حكامها.</p> <p dir="rtl">ألم يعترفوا لليهود بحقهم في استعمال جرائم النازية ضدهم وجعلوا منها قاعدة تجارية سيطروا بها على القرار السياسي والاعلامي في كل العالم، وجعلوا من تهمة معاداة السامية سلاحا ضد كل من منتقد لما تقوم به إسرائيل من جرائم في حق الشعب الفلسطيني، فكيف لفرنسا أن تفكر مجرد التفكير في مطالبتنا بغلق ملف الذاكرة والارتماء في أحضانها؟<span class="Apple-converted-space"> </span></p> <p dir="rtl">بعد عقود عن الاستقلال والثورة والمقاومات الشعبية ما زالت فرنسا عاجزة عن فهم الشخصية الجزائرية، أما نحن فلن نطوي الصفحة ولن نقبل بمطلب تطبيع مبطن بالتهديد، لسنا في حاجة إلى فرنسا بل هي من في حاجة للجزائر ولكل أفريقيا التي بمجرد أن بدأت تتحرر من قبضتها حتى ظهرت عيوبها وانهار نظامها وتحولت إلى جمهورية موز وليست سادس قوة في العالم.</p>
حادثة المروحة قد تتكرر لكن دون استعمار جديد
2025-01-14 10:11:00
<h2>عندما نعلم أن هناك 12 مليون فرنسي عبارة عن عساكر سابقون في الجزائر وأقدام سوداء ومستوطنون طردهم الشعب الجزائري بعد انتصار ثورته سنة 1962 على الاستدمار الغاشم، هنا فقط يمكننا أن ندرك حجم هذا الحقد الذي يعشش دواليب الحكم في فرنسا، بعد أن وجدوا أنفسهم خارج جنة الجزائر ولم يعودوا يستفيدون من خيراتها لا كمستعمرين سابقين ولا كمستفيدين من الريع الإستعماري الذي مكنهم منه كمشة من الجزائريين من أجل الحفاظ على المناصب خلال حقبة زمنية مضت ولن تعود.</h2> <p> ويمثل هؤلاء العساكر والأقدام السوداء والمستوطنون تيارا سياسيا يحمل حقدا دفينا للجزائر وللجزائريين، كونهم وراء انهاء غطرسة الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية في قارة آسيا من قبل، وفي القارة الإفريقية، ودحرجت فرنسا الكولونيالية إلى حجمها الحقيقي بين قوى العالم.</p> <p>ولذلك، فإن الهجوم الذي يشنه اليميني الفرنسي، الذي انظم إليه الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي كان يظهر نفسه في ثوب ضحية هذا التيار المتعطش للروح الإستعمارية، يجد تبريره في هذا الحقد، بعدما أفلتت منه كل هذه الخيرات الجزائرية ولم تعد في متناول يد باريس كما في السابق، سواء خلال فترة الإستدمار أو خلال بعض الفترات من الإستقلال عندما رهن بعض مسؤولينا الجزائر بأطماعهم وأحلام ساسة باريس.</p> <p>ومثلما أن تيار اليمين واليمين المتطرف في فرنسا الذي يسيطر على حكومة ماكرون الرابعة، أصبح باديا للعيان بأنه يسيطر على ماكرون نفسه الذي تهاوت شعبيته، فهو لا يزال، أي التيار اليمين المتطرف يتمسك بفكره الكولونيالي ويسعى إلى توظيف حركى جدد مثلما فعل بالأمس إبان الثورة التحريرية، مستغلا خبرة ديبلوماسيين جواسيس وجدوا في أرض الجزائر أرض تدريب ممتازة، مثلما يذكر الناشط، رشيد نكاز، في آخر تحليلاته التي نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي،</p> <p> حيث يقول "يبدو أن الجزائر أصبحت محطة توقف أساسية لبعض الدبلوماسيين الفرنسيين قبل الوصول إلى مناصب رئيسية في أجهزة الإستخبارات.</p> <p>ومن الأمثلة الحديثة على ذلك، برنار باجولي (2013-2017) وبرنار إيميي (2017-2024)، رفقة كزافيي درينكور، الذي تبدو مواقفه متوافقة مع أفكار حزب سياسي مثير للجدل في فرنسا". ويقصد بدون أدنى شك حزب الجبهة الوطنية.</p> <p>ويؤكد رشيد نكاز، في تحليله، أن هذا الثلاثي، يجد إلهامه في شخصية تاريخية: شارل دو فوكو، الجاسوس العسكري المسؤول عن محاولات تبشير السكان في الصحراء الجزائرية، بداية القرن العشرين، والذي اغتيل سنة 1916 في تمنراست.</p> <p>وبالعودة إلى التاريخ أيضا، ومثلما يقول كارل ماركس إن "التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة، وفى المرة الثانية كمهزلة"، فإن حادثة المروحة الشهيرة التي روجت لها فرنسا الإستعمارية، لاحتلال الجزائر، قبل حوالي 194 عاما، على الرغم من توافر عدد من الإثباتات والأدلة التي تشير إلى أن فكرة الاحتلال كانت قد اتخذت مسبقا، مثلما أورده، الباحث الراحل، محمد بن مبارك الميلي، في كتابه "تاريخ الجزائر في القديم والحديث"،</p> <p>حيث يقول "ليس خافيا أن الطريقة التي دفعت بها المبالغ للتاجران اليهوديان بوشناق وبوخريص كانت تهدف إلى تهريبهما من دفع ما عليهما للخزينة الجزائرية، وباختصار توجد مبالغ ترجع قانونا وواقعا إلى الخزينة الجزائرية لكن فرنسا دفعتها لعائلات، وقد فر بوشناق بعد تسلمه المبلغ إلى إيطاليا بينما تجنس بوخريص بالجنسية الفرنسية ولم يرجع".</p> <p>ويشير الميلي إلى أن المؤامرة اتضحت للداي حسين "وعرف أنها خيطها في الجزائر هو القنصل بيار دوفال ورأسها في باريس هو الوزير تاليران". القصد مما أوردته باختصار حول هذه الحادثة الشهيرة، أن هناك أهداف كثيرة من وراء التكالب الفرنسي الأخير ضد الجزائر، بينها اتفاقية الهجرة لسنة 1986 التي تريد فرنسا اليمينية المتطرفة التنصل من التزاماتها فيها.</p> <p>ومع ذلك، ومهما سيكونه عليه مصير العلاقات بين البلدين مستقبلا، فإن حادثة المروحة قد تتكرر لكن دون أن يليها استعمار جديد في الجزائر اليوم لأن التاريخ في فرنسا لا يعيد نفسه إلا في شكل مهزلة، ولأن " الجزائر لن تغفر ولن تنسى".. مثلما قال الرئيس، عبد المجيد تبون، حجم الجرائم والدمار والإستغلال البشع الذي عاشه الجزائريون لمدة قرن ونصف القرن.</p> <p> </p> <p> لزهر فضيل</p>