حوار"الفجر" مع الحفيد الرابع للشيخ بوزيان محمد السعدي

2025-05-26 03:03:37

banner

<!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>حــاوره: عــبــد الـقــــادر خـــنـــشــــوش</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"center"} --> <p class="has-text-align-center"><strong>الحفيد الرابع للشيخ بوزيان محمد السعدي "لابد من إخراج رفاة الشهداء التي بقيت تحت الأنقاض إلى يومنا هذا بقرية الزعاطشة و القيام بحفريات لكشف أسرار تاريخية للمنطقة"</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">تمكنت الجزائر من إعادة 24 من رفات الشهداء، تعود أبرزهم لأبطال ثورة واحة الزعاطشة هذه الخطوة التاريخية أعطت طعما آخر للذكرى 58 للإستقلال وأضافت نكهة خاصة للإحتفال بعيد الإستقلال و الشباب هذه السنة، و بهذا تكون الجزائر قد قامت بخطوة عملاقة بخصوص ملف الذاكرة، ومن بين أبرز رفات الشهداء تعود إحداها لبطل ثورة الزعاطشة الشيخ بوزيان و الذي ظلت رفاته حبيسة متحف الإنسان طيلة 171 سنة الماضية.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">صحفي جريدة و موقع الفجر تنقل إلى مدينة ليشانة الواقعة على بعد 30 كلم عن بسكرة، أين تقع "واحة الزعاطشة" التي شهدت الانتفاضة ضد الإستعمار الغاشم، وحاور حفيده الرابع محمد السعدي، الحوار جرى في منطقة واحة الزعاطشة.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>بداية، كيف تقدم نفسك سي محمد سعدي ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">محمد السعدي هو الحفيد الرابع للشيخ بوزيان، توقفت عن العمل و توجهت نحو الفلاحة، كما أنني ناشط جمعوي و عضو في جمعية الزعاطشة الثقافية للمحافظة على التاريخ و تاريخ المنطقة، التي تهتم بالتاريخ الجزائري عموما و تاريخ منطقة الزعاطشة خاصة، قاطن هنا في مدينة ليشانة، التي أهتم بتاريخها و تاريخ ثوارها.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:image {"align":"center","id":385,"width":417,"height":277,"sizeSlug":"large"} --> <div class="wp-block-image"><figure class="aligncenter size-large is-resized"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0019-1-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-385" width="417" height="277"/></figure></div> <!-- /wp:image --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>هل يمكن أن تشرح لنا الرابط العائلي بينك و بين الشهيد الشيخ بوزيان ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">أنا حفيده الرابع من إبنته، فالشيخ بوزيان كان له بنتان و ولدان إحدى البنات استشهدت خلال المعركة الكبرى ضد الإستعمار الفرنسي و الأخرى خرجت من القرية قبل المعركة، و حتى الولدين استشهدا، أحدهما تم قطع رأسه و هو في سن 16 وتم أخذ رأسه مع رأس والده و صديق والده الشيخ موسى الدرقاوي و الإبن الآخر استشهد خلال المعركة، البنت التي بقيت حية المسماة "هنية" تنقلت و هي صغيرة في السن من قرية الزعاطشة نحو ليشانة رفقة 5 نساء وشيخ، بالضبط إلى منزل "الداس" و الدي كان يعتبر العيادة التي يؤخذ لها الجرحى من المعارك، و لما كبرت تزوجت "بمحمد بن الصغير"، لتنجب معه "الحسين" و أربعة بنات، "الحسين" هو جدي من والدتي "هنية" التي سميت نسبة إلى جدتها.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>سي السعدي ماذا يمثل الشيخ بوزريان لنمنطقة الزعاطشة ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">الشيخ بوزبان يبقى رمزا تاريخيا للمنطقة، وقائدا للثورة و المقاومة التي اندلعت هنا في الزعاطشة، كانت له سمات القائد الغيور على بلده، مجابها للظلم و لم يرض أبدا بما كان بقوم به الإستعمار الفرنسي، فالشيخ بوزيان كان جنديا من جنود الأمير عبد القادر ومعه تعلم فنون القتال و القيام بالمعارك ليكتسب خبرة من خلال تجاربه في الحروب، و كان شخصا نشطا يتنقل في كل أرجاء البلاد من شرقها إلى غربها و شمالها إلى جنوبها، من بين المدن التي كان يتنقل إليها كثيرا الجزائر و قسنطينة و منطقة الزعاطشة و معسكر.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>الشيخ بوزيان كان جنديا بارزا في جيش الأمير عبد القادر، كيف وصل لقيادة الثورة هنا من الزعاطشة ضد الإستعمار؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">كان الشيخ يوصف بالفراسة، فنشاطه ودهاؤه و تأثيره في المعارك جعله جنديا مميزا إضافة إلى الذكاء والفطنة التي كان يتمتع بهما و قد كان للشيخ بعد نظر في القيادة وخوض الحروب كل هذا جعل الأمير عبدالقادر يأمر الشيخ البركاني أحد أبرز الأعيان الذي كانوا في حاشية، أن ينصب بوزبان شيخا أي قائدا على الزعاطشة، بعد قدومهما إلى المنطقة، ما سهل التواصل بين كل شيوخ المناطق الأخرى في الجزائر للتنسيق بينهم خلال المعارك ضد الإستعمار الفرنسي.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:image {"align":"center","id":390,"width":431,"height":287,"sizeSlug":"large"} --> <div class="wp-block-image"><figure class="aligncenter size-large is-resized"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0013-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-390" width="431" height="287"/></figure></div> <!-- /wp:image --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>سي محمد السعدي حدثنا عن واحة الزعاطشة.</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">هذه الواحة و هذه الأرض التي نقف عليها، شهدت معارك و حملات حامية الوطيس بين جيش الشيخ بوزيان دفاعا عن الأرض و القرية، آخرها تلك التي حوصرت من قبل جيش الإستعمار لمدة 52 يوما بكل أنواع الأسلحة آنذاك أبرزها المدافع التي نصبت في محيط القرية و التي غيرت مرارا و تكرارا من أقواها إلى أقواها لتدمير الحصن، إلا أن القناصة الذي كانوا يتخذون من النخيل و منزل الشيخ بوزيان مراكز لهم و الذين أبطلوا محاولات المدافع في تحطيم الحصن، إلا أنه و بعد محاولات عديدة تم إحداث ثغرات عديدة من قبل جيش الاستعمار ليتم تحطيم الحصن ليسشهد أغلب سكان القرية و تحطيم بيوتها عليهم ليبفى رفاتهم تحت الأنقاذ إلى يومنا هذا، الذي يغطيه هذا التراب، بما فيها منزل و مسجد الشيخ بوزيان، ليتم بعدها قطع رؤوس المقاومين و أخذها إلى فرنساو من بينهم رأس الشهيد الشيخ بوزيان و إبنه البالغ من العمر 16 سنة والذي قطعت رأسه من أبناء جلته من خانوا الوطن.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:image {"align":"center","id":388,"width":435,"height":289,"sizeSlug":"large"} --> <div class="wp-block-image"><figure class="aligncenter size-large is-resized"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0016-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-388" width="435" height="289"/></figure></div> <!-- /wp:image --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>سي السعدي، كيف تابعتم عودة رفاة الشهيد الشيخ بوزيان ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">حقيقة كأحفاد للشيخ بوزيان كان شعورنا بعودة رفاته من فرنسا لا يوصف ولا نجد الكلمات المناسبة التي تعبر عن أحاسيسنا و نحن نتابع عودة الرفاة، و الإستقبال الكبير الذي حظيت به، فرحتنا لا تسعها الأرض، شعورنا كان كشعور المنتصر و بالحق نعتبر هذه الخطوة انتصارا للجزائر و انتصارا للحق، و متأكد أن الشعور ذاته غمر كل الجزائريين بعودة رفات الشهداء لتحتضنهم أرضهم الطيبة الطاهرة حتى أنني كتبت قصيدة في الشيخ بوزيان فيها أبيات عديدة من بينها الأبيات التالية:</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"center"} --> <p class="has-text-align-center"><strong><em>سجل يا إنسان تاريخ الثورة          ثورة بوزيان من أقدم زمان</em></strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"center"} --> <p class="has-text-align-center"><strong><em>نبدا نكتب في الصحف المنشورة     و نخليها ذكرى لكل إنسان   </em></strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>أكيد أنكم كنتم تنتظرون هذا الحدث...حدثنا عن المرحلة السابقة خاصة عند الكلام عن ملف الذاكرة.</strong><strong></strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">كنا صبورين تماما و لم نتراجع لا أنا ولا عائلتي ولا حتى سكان الزعاطشة يوما عن مطلب استعادة رفات أجدادنا، كما لم نتوقف يوما عن الإيمان بأنه سيأتي يوم تعود فيه رفات جماجم أفراد عائلتي و كذا الجزائريين المقاومين إلى ذويهم بعد سنوات من إبعادهم.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>هل تعتبرون عودة رفات جماجم الشهداء اعترافا من فرنسا بجرائمها خلال الإستعمار؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">نعم، هو الإعتراف بعينه لأن الرفات التي كانت موضوعة بذلك الشكل في متحف وبتلك الطريقة تعكس لنا حجم الجرائم الشنعاء التي قام بها المستعمر، و تظهر الممارسات الدنيئة التي كانت في حق أجدادنا فقطع الرؤوس ووضعها فوق الثكنات العسكرية جرم ما وراءه جرم، لذلك عودة رفات شهداءنا و أجدادنا اعتراف و إثبات قطعي من الفرنسيين بجرائمهم.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>هل كنتم تنتظرون يوما كهذا ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">كما قلت لك، بقيت ثقتنا بالله كبيرة وكنا نؤمن كل الإيمان بعودة رفات جمام الشهداء و من بينهم رفاة الشهيد بوزريان إلا أنه و بكل صراحة الخبر و بكل ما حمل معه من سعادة لا توصف إلا أنه جاء مفاجئا عندما أعلن رئيس الجمهورية عودة الرفات خاصة و العالم يعيش هذه الأزمة الصحية، كما تمنينا أن نكون من الحاضرين في مراسم دفن الرفات إلا أن الوضع الصحي حال دون تنقلنا إلى العاصمة.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>ما هي المساهمة التي حققتها جمعيتكم في إطار مسعى إعادة رفاة الشهداء من فرنسا ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">منذ تأسيس الجمعية طالبنا في عديد المرات بإعادة الرفات، وكانت مساهتمنا في السنوات الأخيرة دائما بالكلمة و الإصرار في مسعى إعادة رفات جماجم الشهداء ومطالبة الدولة الجزائرية بشكل مستمر أن تضغط على فرنسا بخصوص هئا الملف، و لم ننسى في أي مناسبة أو أي لقاء للجمعيات التاريخية و الثقافية للتذكير بالأهمية البالغة لهذا الموضوع&nbsp; الذي يعد جزءا لا يتجزأ من تاريخ الجزائر، لأنه يعكس لنا ماضي البلاد و مسيرة أجدادنا في محاربة و مواجهة الإستعمار الفرنسي، و لن يتوقف نشاطنا في الجمعية في هذا الإطار إلى آخر مرحلة.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>ما الذي تسعى إليه جمعيتكم في الوقت الحالي بخصوص واحة الزعاطشة ؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">بما أن واحة الزعاطشة شاهدة اليوم على جزء مهم جدا من تاريخ البلاد، فإننا نطالب السلطات المحلية و كذا السلطات العليا أن تجعل المنطقة معلما تاريخيا بالمحافظة عليه عن طريق القيام بسور يحيط بها لمنع السيارات و المركبات من الدوس عليها كما نطلب أيضا إستخراج رفات الشهداء التي تبقى إلى يومنا هذا تحت هذه الأنقاض و التراب لإعادة دفنها كما يجب، كما نطالب من علماء و باحثي علم الآثار القيام بحفريات في هذه المنطقة لمعرفة المزيد من أسرارها و تاريخها.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right"><strong>و نحن في أيام نحتفل بعيد الإستقلال و الشباب ما هي الرسالة التي توجهها سي السعدي لشباب اليوم؟</strong></p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:paragraph {"align":"right"} --> <p class="has-text-align-right">المشعل اليوم بين يدي شباب القرن 20، فلا تهاون في هذا الملف، ملف الذاكرة و يجب المحافظة على رسالة الشهداء والاجتهاد في الحذو بحذوهم، فالبلاد أمانة في أعناقهكم و نجدد و نلح بمطلبنا في النزر إلى منطقة الزعاطشة لجعلها معلما تاريخيا و استخراج رفات شهداء القرية التي تبقى تحت أنقاض المنازل التي حطهما الإستعمار الغاشم على أجسادهم.</p> <!-- /wp:paragraph --> <!-- wp:image {"id":393,"sizeSlug":"large"} --> <figure class="wp-block-image size-large"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0015-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-393"/></figure> <!-- /wp:image --> <!-- wp:image {"id":394,"sizeSlug":"large"} --> <figure class="wp-block-image size-large"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0017-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-394"/></figure> <!-- /wp:image --> <!-- wp:image {"id":395,"sizeSlug":"large"} --> <figure class="wp-block-image size-large"><img src="http://alfadjr.dz/wp-content/uploads/2020/07/IMG-20200709-WA0012-1024x683.jpg" alt="" class="wp-image-395"/></figure> <!-- /wp:image -->

العلامات الثقافي

وفاة المخرج والمنتج محمد لخضر حمينة

2025-05-23 19:44:00

banner

<h4>توفي اليوم الجمعة، المخرج والمنتج الجزائري الكبير محمد لخضر حمينة عن عمر ناهز 95 سنة في منزله بالجزائر العاصمة تاركا وراءه إرثا سينمائيا لا يقدر بثمن.</h4> <p>&nbsp;</p> <p>وتميز الفقيد برؤيته الفنية الفريدة التي خلدت اسمه في تاريخ السينما كأحد القلائل من المخرجين الأفارقة والعرب الذين شاركوا في مهرجانات عالمية وتحصلوا على جوائز دولية .</p> <p>&nbsp;</p> <p>فقيد السينما الجزائرية نجح في إقامة جسر ثقافي حقيقي بين الجنوب والعالم الغربي فكان صوت العالم الثالث وصوت الجزائر طيلة ما يقارب الأربعين عاما.</p> <p>&nbsp;</p> <p>يعد الراحل من رواد السينما التحررية وأحد أبرز الأصوات التي جعلت من الشاشة الكبيرة منبرا لقضايا الشعوب ومآسي الاستعمار فكان خير سفير يتحدث عن الثورة الجزائرية بلغة الفن السابع</p> <p>&nbsp;</p> <p>من أبرز إنجازات فقيد السينما الخالدة فيلم "ريح الأوراس" الذي نال عنه أولى جوائزه الدولية وفيلم "وقائع سنين الجمر" الذي نظر إليه كملحمة وطنية أعادة رسم تاريخ الثورة بلغة سينمائية شاعرية ومؤثرة الراحل اعتبر من كبار مخرجي السينما الملحمية وظل لعقود ينادي بـ "صوت العالم الثالث" لما قدمه من رؤى إنسانية وفنية تجاوزت الجغرافيا واللغة جامعا بين الذاكرة والنضال والفن.</p> <p>&nbsp;</p> <p>محمد. ب</p>

العلامات الثقافي

في الدورة 78..مهرجان "كان" وأسئلة ما قبل الرحيل وبعده !

2025-05-16 09:56:00

banner

<h2>في مدينةٍ لا تنام على ضجيج الزمن، ولا تتوانى عن ارتداء ثوب الأسطورة كل ربيع، عاد مهرجان كان ليحمل على كتفيه سؤالًا يتيمًا يتكرر كل عام: ما الذي يمكن للسينما أن تقوله في وجه العالم، حين يصمت العالم؟</h2> <p>&nbsp;</p> <p><strong>السجادة الحمراء فعلاً</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p>بين السماء المزدانة بزرقة الربيع "من 13 إلى 24 ماي 2025"، وبحرٍ لا يكلّ من مراقبة النجوم وهي تخطو على شاطئه، افتُتحت الدورة 78 من مهرجان كان بمشهدٍ هادئ، لكنه مشبع بالدلالة. لم يكن البريق هو البطل، بل الوعي، والرهبة، والتمهّل.</p> <p>&nbsp;فقد تقدمت جولييت بينوش "رئيسة لجنة التحكيم"، برشاقتها المعتقة، ووقفت أمام جمهورٍ لم يكن ينتظر خطبة بقدر ما كان ينتظر موقفًا. وفي إيماءة فنية وإنسانية، ذكرت بينوش الصحفية الفلسطينية فاطمة حسونة، التي استشهدت قبل أسابيع فقط.</p> <p>لم يكن ذكرها تكرارًا لحدثٍ سياسي، بل إعلاء لفكرة السينما كمرآة للضمير، لا كسلعة على الرفّ.فالسينما حسب أفلام الدورة 78 ليست مرآةً لزينة العالم، بل مطرقةً ناعمة على زجاجه الهش. وهذا، ربما، هو ما عكسته العروض الأولى للأفلام حتى الآن.</p> <p>هكذا بدأت كان. لا بالأزياء، ولا بالتصفيق، بل بخيطٍ إنساني شفاف، يُعيد طرح دور السينما بوصفها صوتًا لما لا يُقال.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>وعودة الذات من شقوق الغياب</strong></p> <p>&nbsp;</p> <p>&nbsp;في البداية أعتبرت خطوة إختيار فيلم &ldquo;الرحيل يوماً&rdquo; للمخرجة الفرنسية أميلي بونان، مجازفة وخطوة جرئية لمهرجان كبير قرر منح الفرصة لمخرجة شابة تقدم أول عملا روئيا طويلا لها لتكون في إفتتاح أعرق المهرجانات السينمائية في العالم،</p> <p>لكن المجازفة تحولت إلى تتويج لحفل الإفتتاح، فالفيلم لم يكن مجرد دراما عن الطفولة المفقودة أوالعودة إلى الجذور، بل هو تشريح داخلي لحالة إنسانية هشّة، تتمثل في امرأة تواجه طبقات متعددة من الغياب: غياب الأب، غياب الهوية، وغياب الطمأنينة.</p> <p>ما يميز العمل أنه لا يقدّم الحنين كخلاص، بل كمحاكمة. البطلة لا تعود إلى مسقط رأسها بحثًا عن حبٍ ضائع أو فرصة جديدة، بل لتفكيك صورة نفسها كما شكلها الآخرون. الصورة التي ورثتها عن المجتمع، عن المطبخ، عن الأبوة، وحتى عن الحب.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;تغييرات تنبع من الجدل</strong></p> <p>هذا العام، بدا أن "كان" لا يريد فقط أن يُبهر، بل أن يُفكر. تغييرات بروتوكولية صغيرة، كحظر الفساتين ذات الذيول المبالغ فيها والملابس الشفافة، لم تكن مجرد تعديل على قواعد الموضة، بل كانت جزءًا من محاولة لإعادة تعريف الجمال، بعيدًا عن الابتذال.</p> <p>أما القنبلة الأخلاقية التي انفجرت مع صدور الحكم على جيرار ديبارديو، فقد ألقت بظلها الثقيل على كل سجادة حمراء. تحوّلت الحوارات من &ldquo;ماذا ترتدي؟&rdquo; إلى &ldquo;ماذا تقول؟&rdquo;، وهو أمر نادر الحدوث في مهرجانات تمتهن بالسطحية.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;صوت العالم، وصورة الداخل</strong></p> <p>المسابقة الرسمية لم تكن هذا العام استعراضًا لنجوم الإخراج، بل معرضًا حيًا للانشغالات النفسية والاجتماعية والسياسية التي تخترق المجتمعات من الداخل. كما تحملها المخرجة الحائزة على الأوسكار جوليا دوكورنو بفيلمها الجديد &ldquo;ألفا&rdquo;،&nbsp; بطولة &ldquo; إيما مكاي وطاهر رحيم&rdquo;، ليس عن الإنسان، بل عن ما قبله، وما بعده،حيث تتحول البطلة ببطء إلى كائن غامض، ليس في شكلها فحسب، بل في دواخلها. الجسد هنا ليس موضوعًا للرغبة أو للمرض، بل لسؤال فلسفي: ما الذي يعنيه أن تظل إنسانًا في عالمٍ لم يعد يرحب بك كما أنت؟</p> <p>&nbsp;إنها النافذة التي تفتح الأبواب للجدل السياسي بين الدول، وتسلط الضوء على أصوات الممنوعين من العرض في بلادهم، هكذا يقول كان أنه مهرجان المهمشين والمنبوذين والهاربين من سلطة الأمر الواقع في أوطانهم، كما هو شأن المخرج الإيراني جعفر بناهي الذي جعل منه كان مخرجا عالمياً، وصنع له المخرج في المقابل،</p> <p>مواقفا بعنوان &rdquo; لم يكن مجرد حادث&rdquo;، عبر حبكة جديدة ينطلق بطل بناهي من حادث سيارة عادي، لكنّه يتحول إلى كابوس بيروقراطي وأخلاقي، حيث يواجه المواطن الفرد آلية السلطة المتخفية في الإجراءات. ما يميّز الفيلم هو سرده الهادئ، وغياب أيّ محاولة للمبالغة. بناهي يجعل من البساطة أسلوب مقاومة، ومن اللامبالاة العامة صرخة ضمنية.</p> <p>لقد قال المخرج الألماني ماشا شيلينسكي الشيء ذاته تقريبا، عبر واحد من أجمل الأفلام حتى الأن في البرمجة الرسمية، وهو فيلم&rdquo;صوت السقوط&rdquo;، الذي نعود معه إلى أربع نساء يفصل بينهن الزمن ويجمعهن المكان. السقوط في العنوان ليس موتًا فحسب، بل هو سقوط داخلي مستمر، يعيد تشكيل الذات بعد كل علاقة، وكل خيانة، وكل صمت. استخدام الضوء الطبيعي، الأصوات المحيطة، والصمت المديد يجعل من الفيلم تجربة شبه شعرية، حيث الحكاية لا تُروى بل تُستشعر.</p> <p>&nbsp;تماما كما في حبكة المخرجة الإسكتلندية لين رامسي وفيلمها &ldquo;مت حبيبي&rdquo;، المأخوذ عن رواية تحمل العنوان ذاته، لكنه يتجاوز مصدره ليتحول إلى فحص مرعب للعقل الأنثوي المضطرب. البطلة، في أداء مدهش من جينيفر لورانس، لا تصرخ، بل تتفتت. الكاميرا قريبة حدّ الخنق، والإيقاع بطيء كنبض في غرفة طوارئ. فيلم يتحدث عن الرغبة في الاختفاء، لا كفعل هروب، بل كاحتجاج ضد الشكل الذي فُرضت به الحياة.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;.. والسينما الجماهيرية تعود بشروط</strong></p> <p>ظهور توم كروز المفاجئ لم يكن مجرد مفاجأة دعائية، بل كان بمثابة نداء لسينما الأكشن لإثبات قدرتها على البقاء ضمن فضاء المهرجانات الجادة. فيلمه &ldquo;لمهمة المستحيلة: المواجهة الأخيرة" عُرض خارج المسابقة، لكنه جذب انتباه النقاد والجمهور، لقدرته على الموازنة بين التشويق والمضمون السياسي المتخفي في حبكة التجسس.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>&nbsp;&ldquo;سيراط &ldquo; للمخرج الإسباني أوليفر لاكس</strong></p> <p><strong>عدسة 16 ملم لكسر حواجز الأسئلة الوجودية</strong></p> <p>يأخذنا المخرج الإسباني أوليفر لاكس المعروف بحساسيته الهادئة واهتمامه بالعلاقات العائلية المعقدة، في رحلة بصرية تحمل معها العديد من الأسئلة الوجودية، فيلمه الجديد &ldquo; سيراط&rdquo;، عرض ضمن المسابقة الرسمية للدورة 78 لمهرجان كان،كأنه لوحة بصرية من كوكب آخر.</p> <p>بهذا الشكل يُكمل أولفير فيلم الرهان على خطه الفني، بعد أن خطف سنة 2016 جائزة مسابقة &ldquo;أسبوع النقاد&rdquo; بفيلمه &ldquo;ميميوزا&rdquo;عن طريق التركيز على&nbsp; القصص العائلية في فضاءات طبيعية قاسية ومهجورة، حيث تصبح العلاقة بين الإنسان والطبيعة خلفية للتأمل في الهشاشة الإنسانية.</p> <p>&nbsp;في "سيراط" نلتقي بين السرد الوجودي والتجريب البصري. تدور الأحداث حول قصة أب (جسد دوره الممثل الإسباني سيرجي لوبيز) نطلق في رحلة عبر الصحراء بحثًا عن ابنته المفقودة بعد اختفائها في حفلة موسيقية صاخبة، وبرفقة ابنه الصغير. تتحول هذه الرحلة إلى تجربة وجودية تتقاطع فيها الأسئلة الروحية والسياسية مع أجواء من التمرد الثقافي.</p> <p>بإيقاع بطيء، وكوادر واسعة، وحوار شحيح، وهدوء تكسره أصوات الطبيعة، في لحظات قاسية وصادمة، يمضى أبطال الفيلم، نحو مصير غامض ومجهول، في عمل درامي&nbsp; كتب بدقة شديدة لينقل التوتر دون أن صراخ،الحزن دون دموع، الألم دون أن يعتصر الضحية وجعا.</p> <p>لقد اختار أولفيه تصوير تلك الملهاة بكاميرا سوبر 16 ملم، بتعاون مع مدير التصوير ماورو هيرسي، وهو كما يبدو في الفيلم ليس إختيارا تقنيا فقط، بل عنصر جوهري في بناء هوية الفيلم الجمالية والدرامية.</p> <p>حيث منح التصوير على شريط 16 ملم الصورة حبيبات مميزة وتباينًا غنيًا، مما أضفي على المشاهد طابعًا حسيًا وواقعيًا. هذا الأسلوب عزز من شعور المشاهد بالانغماس في بيئة الفيلم الصحراوية القاسية، وجعل التجربة أكثر قربًا من الواقع الملموس،طيلة الساعتين من مدة الفيلم التي لم نشعر بثقيلها رغم بطئ الأحداث.</p> <p>إنه تأثير نفسي ودرامي،يتركه العمل السردي مع رحلة بحث تقليدية إلى تجربة وجودية مشحونة ينعكس بصريًا من خلال استخدام 16 ملم. التشويش البصري والضوضاء تعكس التوتر الداخلي للشخصيات وتعمق من الإحساس بالضياع والبحث عن الذات.</p> <p>ويُعتبر استخدام 16 ملم تقليدًا شائعًا في السينما التجريبية والمستقلة، مما يربط "سيراط" بتراث سينمائي يعارض التيارات السائدة في زمن التكنلوجيا الحديثة، يبدو المخرج الشاب أكثر رومانسية في علاقته الإخراجية مع أدوات الماضي. هذا الاختيار يعكس توجه لاكس نحو تقديم رؤية فنية تتحدى الأعراف وتبحث عن أصالة التعبير.</p> <p>بين &ldquo;ميموزا&rdquo; و&rdquo;سيراط&rdquo;، يؤكد&nbsp; المخرج عشقه لموضوع الرابطة الأبوية، ولكن هذه المرة من زاوية الأب الباحث عن ابنته، وهو ما يشكّل انعكاسًا معاكسًا لفيلم &ldquo;ميموزا&rdquo;، الذي تابع فيه رحلة شاب يرافق جنازة شيخ في جبال الأطلس، برفقة رجلٍ يبدو كأنه أب روحي. في "سيراط"، الأب ليس رمزًا، بل شخصية متصدعة، يحاول أن يفهم فجوة الجيل، وأن يواجه شعورًا بالذنب وصدمة فقدان السيطرة على أبنائه في عالم يتغير بسرعة.</p> <p>ورغم استخدام تقنية تصوير تقليدية، إلا أن الفيلم يوظفها بأسلوب معاصر، مما يخلق توازنًا بين الماضي والحاضر، ويعكس الصراع الداخلي بين التقاليد والحداثة الذي يعيشه الأب في رحلته.</p> <p>وبهذا الشكل فإن "سيراط" لم يكنمجرد فيلم عن رحلة بحث، بل هو تأمل بصري ودرامي في مفاهيم الهوية والتمرد والانتماء. اختيار التصوير بكاميرا 16 ملم يُعد قرارًا فنيًا يعزز من عمق التجربة السينمائية، ويمنح الفيلم طابعًا فريدًا يميز رؤيته الجمالية والفكرية، ما يعزز من حظوظه في الظفر بإحدى الجوائز القيمة للمهرجان.</p> <p>&nbsp;</p> <p><strong>محمد علال , مهرجان كان 2025</strong></p> <p>&nbsp;</p>

العلامات الثقافي