غير مصنف

وريث الفرنك الإفريقي يولد ميتا

كان من المفترض أن يكون عالما جديدا شجاعا لغرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية

قبل سبعة أشهر، في أبيدجان، العاصمة التجارية لساحل العاج، وقف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى جوار نظيره رئيس ساحل العاج، الحسن واتارا، ليعلن نهاية فرنك الاتحاد المالي الإفريقي، كان من المفترض أن يكون عالما جديدا شجاعا لغرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية.
بعد 150 عاما من الاستعمار الفرنسي وستة عقود من الاستعمار الجديد، ثماني دول في المنطقة “استعادت السيطرة”. بدلا من استخدام فرنك الاتحاد المالي الإفريقي المدعوم من فرنسا، الذي أصبح بالنسبة لكثيرين رمزا ساما لإمبريالية عالقة، ستتم إعادة تسمية العملة “المحررة” إيكو. المشكلة الوحيدة هي أن شخصا آخر أخذ الاسم بالفعل.
الاسم إيكو مرتبط باتحاد عملات مفترض يمكن أن يشمل يوما ما، ليس فقط الدول الناطقة بالفرنسية في المنطقة، بل أيضا الدول الناطقة بالإنجليزية. القلق بشأن التداخل ازداد مرة أخرى عندما غرد محمدو بوهاري، رئيس نيجيريا، بعصبية معبرا عن “إحساسه بعدم الارتياح” حيال العملة الفرنكوفونية الجديدة. كتب: “من دواعي القلق أن الأشخاص الذين نود الدخول معهم في اتحاد يتخذون خطوات كبيرة دون أن يثقوا بنا حتى للمناقشة”.
ما قد يبدو جدلا مملا حول اسم يكشف عن كيف أن إفريقيا، بعد عقود من النهاية الرسمية للاستعمار، لا تزال أجزاء كثيرة منها منفصلة ومجزأة على طول خطوط الصدع الاستعمارية واللغوية. الخلاف يظهر أيضا مدى صعوبة فصل – ولو رمزيا – علاقة باريس بغرب إفريقيا الفرنسي.
إلغاء فرنك الاتحاد المالي الإفريقي كان جزءا من رؤية سياسية أوسع رعاها ماكرون – أول رئيس للبلاد ولد بعد استقلال إفريقيا – لتوطيد العلاقات مع دول القارة على أساس ما بعد الاستعمار. تم إحراز بعض التقدم، على الرغم من أن فرنسا متورطة في تدخل عسكري ضد متطرفين في منطقة الساحل.
ماكرون نجح في إصلاح العلاقات مع رواندا، وهي علاقات خرجت عن مسارها إلى درجة أن الدولة الواقعة في وسط إفريقيا تخلت رسميا عن اللغة الفرنسية وتحولت إلى الإنجليزية قبل عقد من الزمن. أصلح العلاقات مع بول كاجامي، رئيس رواندا، الذي تتمتع قيادته القوية بنفوذ إقليمي كبير. ماكرون حاز على إشادة كاجامي من خلال فتح المحفوظات الوطنية لتورط فرنسا المزعوم في الإبادة الجماعية في رواندا 1994 وبتأييده للرواندي، لويز موشيكيوابو، أمينا عاما للمنظمة الدولية للفرانكوفونية. في أيار (مايو) الماضي كان اعتقال فيليسيان كابوجا في باريس، المطلوب لمدة 23 عاما لدوره المزعوم في الإبادة الجماعية، علامة أخرى على تحسن العلاقات.
كذلك وجه ماكرون بإجراء تحقيق بعيد المدى في قضية إعادة الفن الإفريقي المسروق. وقاد أيضا حملة دبلوماسية ناجحة لجذب الدول الإفريقية الناطقة بالإنجليزية، خاصة إثيوبيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا، التي تم تجاهلها تقليديا من قبل رجال الأعمال والدبلوماسيين الفرنسيين.
مع ذلك، الانفصال عن فرنك الاتحاد المالي الإفريقي لم يسر حسب الخطة تماما. باريس قررت الانفصال بعد أن قال ماتيو سالفيني، نائب رئيس الوزراء الإيطالي السابق، إن فرنسا استخدمت العملة لاستغلال مستعمراتها السابقة. إضافة إلى تغيير الاسم، وافقت فرنسا على إسقاط شرطها المثير للغضب بأن يتم الاحتفاظ بنسبة 50 في المائة من احتياطيات العملة في باريس، والإبقاء على ممثلها في البنك المركزي الإقليمي.
غير أن الترتيب في جوهره، حسبما أشار النقاد، سيبقى دون تغيير. أولئك الذين يكرهون الوجود الفرنسي في المنطقة – وهم كثير – يريدون التخلص من ربط العملة بالكامل حتى تتمكن الدول الإفريقية من تخفيض قيمة عملتها إذا رغبت في ذلك. لكن بناء على دعوة القادة الأفارقة، ومن ضمنهم واتارا، وهو مصرفي سابق، وعدت باريس بضمان ربط العملة باليورو. في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز”، قال مكي سال، رئيس السنغال، إن دعم فرنسا للاستقرار مضمون حتى في خضم جائحة فيروس كورونا.
المشكلة الأكبر تكمن في نيجيريا وغيرها من منتجي السلع الأساسية الذين يتحدثون الإنجليزية، مثل غانا. عدد قليل من الاقتصاديين يعتقدون أن اتحاد عملات يضم نيجيريا – التي تمثل 70 في المائة من إنتاج المنطقة – له مدلول كبير بالنسبة إلى الاقتصادات الأصغر. فهي ستربط حظوظها بدولة منتجة للنفط يتأرجح سعر صرف عملتها بشكل كبير وفقا لأهواء أسواق النفط العالمية.
الطريق المسدود فيما يتعلق بالإيكو أدى إلى جعل الدول الناطقة بالفرنسية في غرب إفريقيا في حالة من عدم اليقين بشأن العملة. بعد أن اقترحت نهاية فرنك الاتحاد المالي الإفريقي وجدت نفسها عالقة بين الاستقرار الملوث بالاستعمار الذي قدمته فرنسا، والتقلب المحتمل للدول الناطقة بالإنجليزية التي تهيمن عليها نيجيريا.
في كانون الأول (ديسمبر)، بعد إعلان أبيدجان، أعلن قسم كبير في الصحافة الفرنسية موت فرنك الاتحاد المالي الإفريقي. للأسف، الإيكو الذي يفترض أن يحل محله ولد ميتا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى