
غازل الجزائر في خطابه الأخير بعد الزمة الحادة بين
لا تسرج حتى تلجم *** واعقد عقدة صحيحة لا تتكلم حتى تخمم *** لا تعود لك فضيحة يبدو أن العاهل المغربي لم يتذوق أبدا قصائد وحكم الشيخ عبد الرحمان المجذوب، ذلك الشاعر والصوفي المغربي الذي ذاع صيته في القرن 16، وتغنى بمقولاته هواة الفن الشعبي من كل ارجاء المغرب العربي حتى يومنا هذا.
دعونا نتجاهل الجانب الروحاني لما تربط النفاق علاقة وطيدة بالنية وهو معيار لا يمكن حسابه، ولنركز هنا عن المرض النفسي، فكيف لقائد دولة اشهرت السيف في وجه جارتها مكثفة الشطحات الدبلوماسية قصد زعزعة استقرارها وامنها الداخلي أن يعود في غضون أسابيع ليدعو الى فتح الحدود، والعمل سويا لبناء الثقة، وأن يذهب حتى الى التأكيد “لاشقائه” في الجزائر “أن الشر والمشاكل لن تأتيهم من المغرب”؟ الحقيقة أن نظام المخزن الذي اعتاد على اثارة الازمات مع الجزائر صدَّق الوعود وارتمى كليا في احضان قوى عالمية أوهمته بالنصر لقضاياه وتحقيق أحلامه الدسيسة، حتى خيِّل له انه لن يسقط ابدا من السرج.
كانت بداية الوهم بالصفقة التي عقدها مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والتي اثارت استياء المجتمع الدولي، والمتمثلة في التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية. وزاد “تغول” المخزن تناسبيا مع زيادة وعود واشنطن بإمداده بأسلحة متطورة وتعهدات إسرائيل بالمساعدات في المجالات الاستراتيجية، حتى ذهب الى افتعال الازمات ليس فقط مع جيرانه، بل تجرأ حتى على حماته في اوروبا مثل تعمد ارسال المهاجرين غير الشرعيين على الأراضي الاوروبية.
ولكن وصول جو بايدن الى الحكم في الولايات المتحدة وعدم تفعيل الصفقة التي قام بها سابقه وكذلك مواقف الاتحاد الأوربي المساندة لاسبانيا في ازمتها مع المغرب ورفضها للقرار الامريكي أخلطت أوراق المخزن قبل ان تقلب قضية “بغاسوس” الاستخباراتية الطاولة عليه.
فهو يرى انه في المستقبل القريب قد يتم تهميشه حتى من طرف أولئك الذين غامر من اجلهم إذا مالت روحهم البراغماتية. فلم يبقى للملك الا ان يلعب ورقة المريض نفسيا لتفادي “عودة العصا”