الدوليحدث اليوم

هل يحاول محمد السادس التنصل ؟

غازل الجزائر في خطابه الأخير بعد الزمة الحادة بين

البلدين

لا تسرج حتى تلجم *** واعقد عقدة صحيحة لا تتكلم حتى تخمم *** لا تعود لك فضيحة يبدو أن العاهل المغربي لم يتذوق أبدا قصائد وحكم الشيخ عبد الرحمان المجذوب، ذلك الشاعر والصوفي المغربي الذي ذاع صيته في القرن 16، وتغنى بمقولاته هواة الفن الشعبي من كل ارجاء المغرب العربي حتى يومنا هذا.

فالملك ركب الخيل وقرع طبول الحرب الديبلوماسية على الجزائر دون ان يربط عليه السرج ويشد اللجام، وها هو اليوم يجلب لنفسه ولمملكته الفضيحة. ان التصريحات “العذبة” والأخوية التي أدلى بها محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش، في خضم الازمة الديبلوماسية الحادة بين الدولتين والتي تسبب فيها المخزن بمحاولته إثارة الفتنة الجهوية والمساس بالوحدة الترابية الجزائر إثر اعلان وزير خارجية المخزن دعمه حق تقرير المصير لمنطقة من مناطق الدولة الجزائرية، هذه التصريحات لا يمكن تفسيرها إلا بالرجوع الى ابجديات العلوم النفسية والتمعن في أعراض السكيزوفرينيا (انفصام الشخصية) او العلوم الفقهية لتحليل مفهوم النفاق.

دعونا نتجاهل الجانب الروحاني لما تربط النفاق علاقة وطيدة بالنية وهو معيار لا يمكن حسابه، ولنركز هنا عن المرض النفسي، فكيف لقائد دولة اشهرت السيف في وجه جارتها مكثفة الشطحات الدبلوماسية قصد زعزعة استقرارها وامنها الداخلي أن يعود في غضون أسابيع ليدعو الى فتح الحدود، والعمل سويا لبناء الثقة، وأن يذهب حتى الى التأكيد “لاشقائه” في الجزائر “أن الشر والمشاكل لن تأتيهم من المغرب”؟ الحقيقة أن نظام المخزن الذي اعتاد على اثارة الازمات مع الجزائر صدَّق الوعود وارتمى كليا في احضان قوى عالمية أوهمته بالنصر لقضاياه وتحقيق أحلامه الدسيسة، حتى خيِّل له انه لن يسقط ابدا من السرج.

كانت بداية الوهم بالصفقة التي عقدها مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، والتي اثارت استياء المجتمع الدولي، والمتمثلة في التطبيع مع الكيان الصهيوني مقابل اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية. وزاد “تغول” المخزن تناسبيا مع زيادة وعود واشنطن بإمداده بأسلحة متطورة وتعهدات إسرائيل بالمساعدات في المجالات الاستراتيجية، حتى ذهب الى افتعال الازمات ليس فقط مع جيرانه، بل تجرأ حتى على حماته في اوروبا مثل تعمد ارسال المهاجرين غير الشرعيين على الأراضي الاوروبية.

ولكن وصول جو بايدن الى الحكم في الولايات المتحدة وعدم تفعيل الصفقة التي قام بها سابقه وكذلك مواقف الاتحاد الأوربي المساندة لاسبانيا في ازمتها مع المغرب ورفضها للقرار الامريكي أخلطت أوراق المخزن قبل ان تقلب قضية “بغاسوس” الاستخباراتية الطاولة عليه.

ان التسريبات التي طالت عمليات تجسس وتنصت واسعة كانت المغرب احدى روادها، بواسطة مؤسسة إسرائيلية طالت حتى شخصيات فرنسية، منها الرئيس الفرنسي الحالي، امانوال ماكرون، زادت في عزلة المملكة التي تعيش حاليا بعد الوهم باليسر… عسرا.

ان خطاب محمد السادس هو خطاب حقا سكيزوفريني، والمراد به التنصل من مسؤولية الأخطاء الفادحة التي ارتكبها المخزن على الساحة الدولية، بدءا بالجزائر التي يراها اليوم تبادر بالخوض في القضايا الإقليمية والقارية بطلب من الدول المعنية للعب دور الوساطة.

فهو يرى انه في المستقبل القريب قد يتم تهميشه حتى من طرف أولئك الذين غامر من اجلهم إذا مالت روحهم البراغماتية. فلم يبقى للملك الا ان يلعب ورقة المريض نفسيا لتفادي “عودة العصا”

. الا اذا كانت حقيقة السكيزوفرينيا اعقد من ذلك متجاوزة عقل الملك الى نظام الحكم ذاته، وهذا قد يكون تفسيرا أكثر منطقية لسلوكيات المخزن.

ما آل إليه المغرب اليوم هو عاقبة الانصياع الأعمى والطمع المفرط في القوى العالمية المهيمنة. في الجزائر يقول المثل الشعبي “خوك خوك لايغرك صاحبك”.

سمير عزوق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى