هل التصدي للهجرة عنصرية؟

بعد تصريحات الرئيس التونسي، قيس سعيد، المثيرة للجدل والتي اتهم بسببها بالعنصرية لأنه قال إن هناك مخططا منذ بداية الألفية يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية لتونس وفيه تآمر على الهوية العربية الاسلامية للدولة التونسية، والتي انتقدها الاتحاد الافريقي في بيان له الأسبوع الماضي، شرعت بعض الدول جنوب الصحراء ومنها غينيا وكوت ديفوار في ترحيل رعاياها من تونس، لكن هذا الإجراء غير كاف، أمام تفاقم الوضع على حدود بلدان شمال افريقيا التي لم تعد بالنسبة لآلاف المهاجرين غير الشرعيين من الدول الافريقية مجرد مناطق عبور، بل صاروا يطالبون بتوطينهم، حتى أن هناك مجموعات كبيرة من هؤلاء طالبت بتقسيم بنزرت التونسية بين “الأفارقة” وسكانها التونسيين، مثلما أظهرته شعارات رفعها المهاجرون في مظاهرات تداولتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
قلت، الإجراء غير كاف لأن الجزائر سبق وأن رحّلت الآلاف من المهاجرين في سنوات سابقة ومع ذلك ما زال الآلاف منهم منتشرين في كل المدن الجزائرية وبعضهم صار يطالب بمنحهم بطاقات تعريف وطنية وتوطينهم رسميا لكي يحصلوا على مناصب عمل، ما يعني أن المخطط الذي يهدف إلى تغيير التركيبة البشرية للجزائر ودول شمال إفريقيا، والذي سبق وتحدث عنه الوزير الأول الأسبق أحمد أويحيى، قد بدأ تنفيذه بالفعل، والمتظاهرون من مختلف الجنسيات الافريقية يصرحون بأعلى أصواتهم وبنبرة عنصرية وتهديد ووعيد للسكان أن تونس والجزائر والمغرب ومصر كلها أراضي إفريقية وهم أولى بها.
هذه الأزمة حتى لا أقول المأساة الإنسانية، لأن خيوط المؤامرة بدأت تنكشف، أن هناك من يريد خلق أزمات بين البلدان الافريقية واستحالة التوصل إلى إقامة علاقات استراتيجية بين بلدانها مثلما يسعى إليه الاتحاد الافريقي، ما سيجعل حكومات بلدان شمال افريقيا في مرمى انتقادات جمعيات حقوق الانسان الدولية حول طريقة تعاملها مع هؤلاء المهاجرين،خاصة وأن بينهم أطفال في سن التمدرس ونساء يعيشن ظروفا صعبة.
ولأنه لا يمكن التصدي لجموع المهاجرين بالعنف، ومن الصعب احتواء الظاهرة بسبب الأعداد المتزايدة للمهاجرين، على بلدان شمال إفريقيا المستهدفة من الظاهرة أن لا تكتفي بإعادة المهاجرين لأوطانهم أو منعهم من عبور الحدود لشساعتها، وأن تجبر بلدان الاتحاد الاوروبي والمنظمات الأممية وأيضا البلدان الأصلية للمهاجرين على ايجاد حل نهائي للظاهرة، لأن الأمر لا يعني بلدان شمال إفريقيا وحدها، وعلى البلدان الأوروبية التي تريد من بلدان شمال إفريقيا أن تكون شرطيا لكبح الظاهرة وكذلك على المنظمات الأممية أن تساهم في تحقيق التنمية المستدامة لبلدان جنوب الصحراء مصدر الهجرة غير الشرعية لتثبيت المهاجرين في أوطانهم، كما يتعين على البلدان الإفريقية أن تحمي شعوبها من عصابات المتاجرة بالبشر، وأن تتصدى للمخططات الخطيرة التي تستهدف استقرار شعوب القارة واستعمالهم في المخططات الصهيونية التي تهدف إلى السيطرة على القارة وثرواتها، لأن المخاطر من وراء هذه الظاهرة هي أكبر من أن تتصدى لها حكومات بلدان شمال إفريقيا وحدها.
اليوم استفحلت الظاهرة في تونس لاستضعاف حكومتها من قبل العصابات وساعدها في ذلك المعارضة التونسية التي استغلت الظاهرة لتوجيه طعنات سياسية للرئيس، قيس سعيد، حيث خرجت مظاهرات ترفع شعار “تونس دولة افريقية” في رد على خطابه الذي اتهم بالعنصري، وغدا ستعرف حدود بلدان أخرى وشوارعها نفس مظاهر التطرف والعنف الذي صار يستعمله المهاجرون لفرض منطقهم على البلدان التي يحتلونها، ولهذا وجب الاسراع بإيجاد حلول نهائية، وإلا ستضطر هذه الحكومات لاستعمال العنف بتصدي جيوشها للمهاجرين وهو أسوأ الخيارات للأسف لكنه ضروري.
حدةحزام