نكسة إسبانية !

لم تتطرق البيانات الرسمية للسلطات الجزائرية بشأن زيارة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والدفاع للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، إلى الأزمة القائمة بينها وبين اسبانيا، رغم أن هذه الأزمة كانت من بين المسائل التي طرح المسؤول الأوروبي مناقشتها مع الطرف الجزائري، ما يعني أن موقف الجزائر ـ الرافض التعامل مع حكومة بيدرو سانشيز الذي انحاز لموقف المغرب بشأن القضية الصحراوية وأيد مقترح الحكم الذاتي خلافا لموقف الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة التي تعتبر القضية الصحراوية قضية تصفية استعمارـ لم يتغير وأن تجميد العلاقات بين الجزائر والمملكة الإيبيرية سيبقى قائما ما لم يرحل سانشيز من الحكومة، وأن الجزائر لا تقبل المساومة في مبادئها الأساسية وعلى رأسها دعم القضايا العادلة كالقضيتين الفلسطينية والصحراوية.
وما يزيد الموقف الجزائري صلابة، هو حاجة الاتحاد الأوروبي اليوم إلى الجزائر كقوة إقليمية باتت في الآونة الأخيرة تستقطب اهتمام القوى الكبرى، بعدما تغلبت على كل الأزمات التي واجهتها من أمنية واقتصادية وسياسية، وهي اليوم وفي ظل النظام العالمي الجديد الذي بدأت ترسم معالمه على ضوء الحرب القائمة في أوكرانيا والتي أدت إلى ظهور ثنائية قطبية تقودها في الشرق كل من روسيا والصين، والجزائر ما زالت تتمسك بمبدأ عدم الانحياز رغم صداقتها التاريخية مع روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي السابق، لديها اليوم خيار الانضمام إلى منظمة “البريكس” القوة الصاعدة لمواجهة نظام البيترودولار الذي بدأ بدوره يفقد أهم الركائز التي أسس عليها وهي المملكة العربية السعودية التي بدأت تتجه هي الأخرى نحو المشرق وقدمت أول عربون على حسن نيتها من أيام بقبول وساطة صينية لتحقيق التقارب بينها وبين إيران بعد أن كانت أمريكا و”إسرائيل”تراهنان عليها لتكوين جبهة عربية ضد إيران ولخلق نزاع آخر لتقويض قوة الصين وروسيا في المنطقة.
لكن تبقى للشراكة مع الاتحاد الأوروبي أهمية قصوى في حال ما التزم بوريل ومن خلفه دول الاتحاد الأوروبي بوعوده في مساعدة الجزائر على استرجاع أموالها المنهوبة في بنوك الدول الغربية التي صارت جنات مالية لعصابات الفساد التي نهبت ثروات الجزائر بتشجيع من الحكومات الرسمية كانت عقدت صداقات مع رموز العصابة وساعدتها على تحويل أموالها إليها، وهي تعرف مسبقا أنها لن تسمح باسترجاعها وستعمل على تحريك أذنابها هنا مثلما فعلت في قضية بوراوي وقضايا حرية التعبير المزعومة.
الاتحاد الأوروبي بحاجة للجزائر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه حيث يهدده التفكك بسبب تبعات الحرب في أوكرانيا حيث بدأ يتضح لشعوبه أن الأزمة الأوكرانية افتعلتها أمريكا من أجل إضعاف أوروبا وليس لإضعاف روسيا مثلما كان يروج له الإعلام الغربي، والدليل أن المتضرر من العقوبات على روسيا هو الاقتصاد الأوروبي وليس العكس.
حدة حزام