“نبيل السطايفي”، نموذج حي للشاب الواعي!
لقد استغل أعداء الوطن في الداخل والخارج الحراك استغلالا يذكرنا بما حدث بالأمس القريب مع حركة الإنقاذ التي نجحت في تغييب الحقيقة باسم شعارات دينية .. من منا لا يتذكر تلك الشعارات؟ (لا شرقية لا غربية إسلامية إسلامية) وأخرى كثيرة مثل الطاغوت،فرعون، آلهة الفساد، شعارات مهمتها تشويه النظام الجزائري ومؤسساته.
من منا لا يتذكر ذلك اليوم الذي لا ينسى يوم 18 جوان من سنة 1991؟ عندما دعا الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ، علي بلحاج، خلال ندوة صحفية، إلى حمل السلاح وشرعنة العنف ضد الدولة الجزائرية وعلى مؤسساتها، رافضا توقيف الإضراب والعصيان المدني، ثم اعتقاله مباشرة بعد الندوة، لكن بعد فوات الأوان، فقد دخلت الجزائر في دوامة العنف والدم لأكثر من عشرة أعوام فقدنا فيها الكثير.
ولكن حبذا لو أن الأمر انتهى هنا، بل بالعكس لم يتوقف الخطر، ففي الخارج ظهرت حركات أخرى تدعو إلى ما دعت إليه الجبهة الاسلامية للإنقاذ، ولكن بطريقة مغايرة هذه المرة، وبأسلوب مخالف (حركتا رشاد والماك)، حركات تصدى لها مجموعة من الشباب بطرق سلمية نجحوا في نشر الوعي وكشف حقيقة هذه الحركات التي صنفتها الحكومة الجزائرية في خانة الحركات الإرهابية، وعلى راس هؤلاء الشباب، نبيل السطايفي، وهو شاب ناشط عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من منطقة الهضاب العليا، يجاهد من أجل نشر الوعي وسط متابعيه عبر صفحات التواصل الاجتماعي منذ عام 2015، مواطن يحمل مشروعا وطنيا واضح المعالم والرؤى، حدد من خلاله معالم الطريق إلى النضال قصد تحرير الفرد الجزائري من التبعية لمعارضة يرى أنها واهمة وأنها إرهابية تخدم مصالح ضيقة وأجندات خارجية، هدفها تدمير الجزائر وتفكيك وحدتها وهز استقرارها الأمني، حركة “رشاد” والحركات الانفصالية مثل حركة “الماك” التي صنفتها السلطات الجزائرية كحركات إرهابية .
وبأسلوب بسيط ذهب نبيل في حواراته إلى فكرة اللامفكر به للمفكر الجزائري، محمد أركون، وهي مواضيع إبستمولوجية تجعل الفرد يعيد النظر في أفكاره وفي ترتيب بيته ترتيبا ينسجم مع طبيعة الجزائري، حتى يكون البناء عنده صحيا يجعله مسؤولا قادرا على فك شفرة الثورات المضادة وكشف حقيقتها، وفي بعض الأحيان ينتقل نبيل فجأة من الأسلوب الهادئ إلى المنفعل شديد اللهجة، خاصة إذا تعلق الأمر بعدو خارجي تجده يسارع للتحذير من خطره داعيا إلى الحيطة والحذر.
ولأن الدين جزء مهم في حياة الانسان الجزائري، نراه في نقاشاته يذكِّر متابعيه بالتعاليم الإسلامية التي تحافظ على كرامته وسيادته، وبمشروع جمعية علماء المسلمين ودور الأئمة مثل ابن باديس والبشير الابراهيمي وغيرهم، وبحركات المقاومة التي جاهدت لدحض المستعمر الفرنسي مثل المقراني والزعاطشة وغيرها، مذكرا بالأحاديث النبوية الشريفة والمواقف التاريخية التي خلّدها التاريخ الإسلامي، كما لا ينسى أبدا في حديثه جرائم فرنسا والشهداء والمجاهدين الأحياء منهم والأموات ونضال المرأة، مثل فاطمة نسومر عذراء الجبل، وحسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وغيرهن..
إنه نموذج حي للشاب الواعي الذي يناضل دون أن ينتظر الجزاء، لأنه يؤمن إيمانا قاطعا أن القضية قضية وطن، وأن الذين قدموا أرواحهم وأموالهم ووقتهم إنما كان حبا في هذا الوطن لا غير. كن جزائريا ستعرف الخلود.
باريس: صلاح الدين مرزوقي