من المستفيد من عرقلة الانتخابات الليبية؟

رغم إصرار المنظمة الأممية وعديد الدول على تنفيذ خريطة الطريق المتفق عليها في ليبيا من أجل إجراء انتخابات رئاسية بعد أقل من أسبوع، عاد الوضع في ليبيا إلى الانفجار من جديد حيث حاصرت تشكيلات مسلحة مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بالعاصمة طرابلس فجر الخميس، في محاولة أخرى لنسف الاستحقاق الانتخابي وهددت بمنع إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة الجمعة 24 ديسمبر الجاري، كما شهدت مدن المنطقة الغربية استنفارًا بين عدة تشكيلات مسلحة، بعد حصار مقر رئاسة الوزراء. معارضو إجراء الانتخابات في الموعد المحدد لها، يبررون ذلك بأنها أجندة مفروضة من الخارج، حتى أن عضو من المفوضية الوطنية للانتخابات قال إن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر 24 ديسمبر الجاري أصبح غير ممكن، وأن المليشيات المسلحة التي تتحكم في العاصمة طرابلس، هي واحدة من أبرز العقبات التي تواجه البلاد.
ويبدو أن هناك تحالفا جديا بين التيار الإخواني والميليشيات المسلحة لتفجير الوضع في البلاد وزرع الرعب وسط الشعب الليبي لمنعه من الذهاب إلى صناديق الانتخابات، بعدما فشلت كل محاولات هذا التيار لإبقاء الوضع على ما هو عليه ما لم يقبل بتأجيل الرئاسيات والذهاب إلى الاستفتاء على دستور يمنح الأغلبية التي يعتقد التيار الإخواني هو من يحوزها، لاختيار رئيس للبلاد يكون تابع له، وهو ما تؤيده تركيا التي ترفض سحب ميليشياتها من ليبيا، بحجة أنها جاءت بدعوة من حكومة السراج وليست قوة أجنبية.
وبالفعل فقد نشرت دعوة من المدعو الغرياني وهو نجل مفتي الجماعات الإرهابية، في تغريدة على “تويتر”، لمهاجمة المقرات الانتخابية.
وتعمل الميليشيات المسلحة بقوة على عرقلة أي مساع للحل السياسي في ليبيا واستمرار حالة الفوضى ما سيسمح لها بنهب الثروات الليبية، فقيام دولة بمؤسساتها سيمنع حتما هذه الميليشيات ـ وأغلبها جاء بهم أردوغان ـعلى الاستمرار في استنزاف ثروات البلاد، وسيلغى حتما كل الاتفاقيات التي وقعتها حكومة السراج مع انقرة تسمح لها باستغلال النفط في شرق المتوسط وكذلك إقامة قواعد عسكرية في ليبيا مثل قاعدة الوطية العسكرية التي تسيطر عليها تركيا منذ أكثر من سنة، ما سيسمح لها بتثبيت أقدامها في ليبيا وتصبح تشكل تهديدا حقيقيا لمصر.
ولهذه الأسباب كلما كانت هناك حلول جدية للأزمة الليبية إلا وأعادتها الميليشيات المسلحة إلى حالة الفوضى وعدم الاستقرار من جديد.
صحيح أن هناك خلاف حول بعض المترشحين مثل سيف الاسلام القذافي نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، ومثل خليفة حفتر، لكن هؤلاء يمكن إقصاؤهم عن طريق الصناديق، هذا إذا تمكن الليبيون من التصويت بكل حرية، لكن الابقاء على الفوضى لا يخدم إلا من سيطروا على آبار النفط والثروات الليبية الأخرى، ومن يريد أن تكون ليبيا ولاية تركية يصب ثرواتها في جيوب أردوغان وحلفائه الليبيين.