اساطير

!كلمة في حق رجل طيب

اسمه الطيب، وله الكثير من اسمه، وليس فقط نصيبا منه، إنه زميلنا الذي غادرنا من يومين على حين غفلة، الأسبوع الماضي، الطيب يدروج الرجل المبتسم دوما، الوطني حتى النخاع، الطيب الذي لم نسمع منه إلا الكلام الطيب، المحب للجميع، القلم المسؤول الحامل لهموم الوطن، حتى وهو متقاعد.

عرفنا الطيب بداية التسعينيات، كنت صحفية في جريدة المساء وكان هو مراسل لصحيفة الجمهورية، نلتقي دوما أثناء تغطية التظاهرات والنشاطات السياسية التي كانت الجزائر تعج بها في بداية التعددية السياسية، كان محبا لعمله، صادقا لم يمارس صحافة الابتزاز التي صارت موضة هذه الأيام، لم يبع ضميره ولا قلمه، وبقي وفيا لمبادئ جبهة التحرير الأولى التي كان مناضلا في صفوفها.

ركن للراحة من سنوات، لكنه كان يدون يوميا أفكارا نيرة على صفحته على الفايسبوك، يساهم من خلالها في النقاش العام، ويبث فيها أوجاعه التي هي أوجاع الجزائر التي أحبها.

كنت في كل مرة ألتقي به، يقص علي قصته المرعبة، وكيف نجا هو وزميل له من مجلة الثورة والعمل، عندما هاجمتهما جماعة إرهابية وكانا وقتها في المكتب التابع لصحيفة الجمهورية في وسط العاصمة ، وكيف تمكنا لقرابة الساعة من العذاب ، يسعيان لسد باب المكتب بالخزائن وكل الأثاث الموجود بداخله ، عندما حاول الإرهابيون كسره ، فلم يتمكنوا، ولم يخرجا إلا بعدما فر الإرهابيون ، لأن المكتب يقع بجوار مدرسة خاصة، فاستغل المرحوم وزميله خروج التلاميذ ليتسربا وسطهما ويفران من المكتب الذي لم يعد إليه من يومها، وهو غير مصدق أنه نجا من الذبح، الأمر الذي لم ينجو منه الزميل الآخر الذي تمكن الإرهابيون أشهرا بعد ذلك من قتله في البليدة.

رحل الطيب بهدوء ودون ضجة، مثلما عاش بسيطا محبا وصديقا للجميع حمل هموم الوطن شابا وكهلا، رحل وفي قلبه غصة أنه بقي نزيل إقامة فندق سيدي فرج التي خصصتها الحكومة للصحفيين أثناء الأزمة الأمنية التي كاد أن يدفع حياته فيها، بعد معاناة مع المرض.

رحم الله صديقنا الطيب الوطني وألهم أهله جميل الصبر

حدة حزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى