كشف بعض خيوط المؤامرة على تونس!

المكالمات المسجلة للرئيس التونسي الأسبق، زين العابدين بن علي، التي بثتها هيئة الاذاعة البريطانية (بي. بي. سي) بمناسبة الذكرى الحادية عشر للثورة التونسية أو بالأحرى للانقلاب الذي خططت له أمريكا في تونس، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، أن ما حدث في تونس كان انقلابا بكل أركانه، بتخطيط من المخابرات الأمريكية وبتواطؤ مع بعض القيادات في الجيش التونسي، بل ويطرح من جديد التساؤل: هل قتل البوعزيزي الذي كانت تقول مصادر طبيه قبل وفاته أنه تماثل للشفاء، بعد حرقه لنفسه، حتى يكون عود الثقاب الذي ألهب فيما بعد الشارع التونسي في الثورة المزعومة، والتي كانت تريدها أمريكا مدخلا لتطبيق مشروع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الجديد، بعد إسقاط أنظمة وتفكيك دول، لكي تفرض القبول بإسرائيلي في التسمية الجديدة التي تلغي مفهوم العالم العربي الذي وضعته بريطانيا بعد الإطاحة بالخلافة العثمانية، بإحياء العميل البريطاني لورانس العرب للنزعة العربية ضد الوجود العثماني في الأردن أولا ثم في باقي البلدان الناطقة بالعربية لاحقا ؟
المكالمة المسربة أثبتت أن بن علي لم يهرب، بل أجبر مثلما قالت زوجته ليلى في كتابها المعنون “هذه حقيقتي” الذي نشرته عاما بعد الإطاحة بزوجها، بل غرر به وأجبر على الرحيل في خطة محكمة نفذها قادة الجيش وعلى رأسهم رشيد عمار قائد الجيش التونسي، وشخصيات عسكرية أخرى أوهموه أنه سيعود إلى قصر قرطاج ريثما تهدأ الأوضاع، بينما كانت قنوات الانقلاب وعلى رأسها الجزيرة تضخم الأحداث في تونس وتعبئ الشارع المنتفض والذي تقوده بعض الوجوه الشابة التي تم تدريبها من طرف بعض الهيئات غير الحكومية الدولية ومن بينهم المرحومة لينا بن مهني وأسماء أخرى اختفت من المشهد بمجرد أن انتهت مهمتها، تماما مثلما حدث في مصر مع ممثل غوغل في مصر وائل غنيم ومجموعة من الشباب قادت الانتفاضة التي أدت إلى سقوط النظامين في كل من مصر وقبلها في تونس.
لكن ولحسن حظ تونس اليوم، وبعد عشرية من الفوضى وفساد النهضة الذي فاق فساد الطرابلسية ونظام بن علي، أن لديها رئيسا يتمتع بشرعية الصناديق، ويسير اليوم بتونس بعيدا عن المخطط الأمريكي الذي حاول بدعم إعلامي وتمويل من قطر، التمكين للإخوان المسلمين للوصول إلى الحكم، جزاء لهم على الخراب الذي أحدثوه عقودا من الزمن في الدول الوطنية بالمنطقة العربية، بحيث عرقلوا مسيرتها على طريق التطور والمعاصرة، وأفسدوا المنظومة التربوية، وعرقلوا مسيرة تحرر المرأة العربية المسلمة، وعادوا بالمجتمعات العربية إلى عصور الانحطاط بإتلاف كل المكاسب المحققةبعد عقود من الكفاح.
فبعد مصر التي أنهت حلم الإخوان في إقامة الخلافة التي تكون مصر مجرد ولاية من ولاياتها، وضع قيس سعيد تونس على الطريق الصحيح، وأنهى هو الآخر حلم الغنوشي وأسرته التي استولت على ثروات بن علي وقصوره، وهرّبت الأموال الطائلة إلى الخارج، أنهت حلمه في بناء إمارته في تونس بورقيبة القيادي المتنور السابق لعصره والذي حرر المرأة التونسية من براثين التخلف واستثمر في الإنسان التونسي بتعليمه وتكوينه لأنه كان يرى أن ثروة تونس الوحيدة هي شعبها فأعطاه منظومة تربوية من أرقى ما عرفت المنطقة، وهذه المنظومة هي من أنجبت قيس سعيد الذي يحاول اليوم تحرير تونس من جديد من منظومة الفساد الإخوانية، وهي مهمة ليست بالسهلة، لكنه يسير بخطى رجل القانون الثابت الذي لا يريد أن يترك هامشا للخطأ لمنع أي محاولة لتدخل أجنبي، وقد حاول الكثيرون وهددوا وتوعدوا ولم ينجحوا، مثلما لم تنجح قناة الانقلابات من تحريك الشارع التونسي والثورة على إصلاحات سعيد رغم محاولات تصفيته التي خطط لها إخوان الغنوشي.
تونس بخير وستضرب مرة أخرى وبصورة صادقة مثالا للتحدي وتفسد مرة أخرى مخططات الخراب التي تستهدفها !
حدة حزام