اساطير

عيد بأي حال عدت يا عيد!

ما زالت كورونا تحصد كل يوم المزيد من الضحايا في بلادنا، وما زال الجيش الأبيض يقدم يوميا قرابين من خيرة أبنائه على مذبح مخاطر المهنة، التي تقف بقليل من الإمكانيات وبكثير من الإرادة والإحساس بالواجب والرسالة المهنية، في وجه الوباء

اسمه رافع الدين وحيد أمه من قسنطينة، يرحل عشية العيد، تاركا أم ثكلى وزوجة أرملة وأطفال يتامى، وهو الذي كان يحارب الوباء في المستشفى، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي يحث الناس على الالتزام بالشروط الصحية وارتداء الكمامة، وكان يخيرهم إما ارتداء الكمامة أو الربط بجهاز التنفس، لكن الفيروس اللعين اختطفه من أسرته ومن مرضاه.

واسمها أميرة صياح، عمرها 29 سنة، طبيبة عامة بمستشفى عين أزال، لم تفرح كثيرا بممارسة المهنة التي أحبتها، وأمضت أجمل سنوات عمرها القصير في متاعب دراستها، ليختطفها الوباء أمس، وكانت آخر تدوينة لها على الفايسبوك تترجى متابعيها أن يدعوا لها بالشفاء، لتلتحق بزميلتها وفاء بوديسة الطبيبة الحامل التي هز موتها بفيروس كورونا في أواخر أشهر حملها سطيف والجزائر عامة.

وقبلهما عشرات الأطباء والأساتذة والممرضين، دفعوا حياتهم تباعا في بليدة وسطيف بسكرة والجزائر وفي كل مدن الجزائر التي صارت تتنافس يوميا على تسجيل أكبر عدد من الإصابات والوفيات.

وإن استمر الوضع على المنحى، ستنهار الأطقم الطبية في المستشفيات بسبب التعب الذي يضعف مناعتهم ما يجعلهم لقمة صائغة للوباء الذي يبدو أنه استفحل أكثر.

كم يلزمنا من ضحية أخرى، تقتل بسبب استهانة الناس بالوباء، لنفهم أن كورونا لم تخترعها السلطة ويدوس بعضنا على الإجراءات الصحية كطريقة لمعارضة نظام الحكم؟ كل يوم نسجل العشرات من الوفيات، وبضعة مئات من الإصابات الجديدة، والمستشفيات لم تعد تستوعب هذا الكم الهائل من الإصابات مع نقص الإمكانيات.

هذا وما زلنا لم نسجل الانفجار الذي سيخلفه التدافع على أسواق المواشي قبيل العيد، وعلى شبابيك البنوك ومصالح البريد التي شهدت في الأيام الأخيرة طوابير وتلاصقا من قبل المتقاعدين بسبب نقص السيولة.

 إذا استمر الوضع على هذا التهاون والاستخفاف بالوباء والدوس على الإجراءات الصحية، سنقتل بغبائنا هذا المزيد من الأطباء، سواء بالإرهاق أو بالفيروس، وانهيار الطاقم الطبي سيخلف المزيد من الفوضى والإصابات التي لن تجد من يعالجها وستحل الكارثة، ويبدو أن الجزائريين بتصرفاتهم اللامسؤولة اختاروا الكارثة نكاية في السلطات ..!

حدة حزام

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى