صمت في الرباط ومرارة في تل أبيب

رحبت جميع الدول العربية بالاتفاق المحقق الجمعة بين المملكة العربية السعودية وإيران، والذي تم برعاية صينية وبجهود مضنية بذلتها كل من الجزائر والعراق وسلطنة عمان منذ أزيد من سنتين لحلحلة الأزمة التي عمرت طويلا بين دولتين محورتين في الشرق الأوسط، بينما التزمت المملكة المغربية الصمت المريب اتجاه الاتفاق،الذي يبدو أنه فاجأ الرباط التي قطعت علاقاتها بطهران تضامنا مع الرياض.
فالمغرب الذي بتهم الجزائر وتشتكيها لصديقتها إسرائيلعلى أنها تقيم علاقات مع إيران وهي بذلك تشكل خطرا على أمن المنطقة، وتتهم إيران بدورها على أنها تدعم جبهة البوليساريو، اكتفت وكالتها الرسمية للأنباء بنشر خبر مقتضب حول الاتفاق نقلا عن وكالة الانباء السعودية، وهو ما جعل رواد منصات التواصل يشنون حملة سخريةوهو الذي لم يتوقف عن شيطنة إيران والمذهب الشيعي.
موقف المملكة المغربية التي خاب ظنها على ما يبدو في المملكة العربية السعودية بعد هذا الاتفاق، والتي يتساءل إعلامها إن كان الاتفاق السعودي الإيراني سيعجل بعودة العلاقات بينها وبين الجمهورية الإسلامية بحجة أن المملكتين تشتركان فيما أسماه رفضهما التمدد الشيعي وتدخل ايران في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، لا يوازيه في الخيبة إلا موقف دولة الاحتلال التي وإن لم تصدر أي تعليق رسمي على الاتفاق، خرج محللوها يصرخون ويتخوفون على مصير كيانهم بعد هذا الاتفاق، وعبروا عن شعورهم بالتشاؤم وبالمرارة والخيبة، وحمّلوا المسؤولية لـ “ناتنياهو” الذي لم يتنبأ بهذا التقارب لإفشاله وتطويق إيران عبر حلف عربي لمنعها من امتلاك النووي وعزلها عن محيطها الحيوي وهو ما عبر عنه رئيس الوزراء السابق لبيد على أنه انهيار للجدار الدفاعي الإقليمي الذي بدأت دولة الكيان ببنائه ضد إيران،ويتخوفون أن يقف هذا التطبيع الإيراني السعودي ودون تحقيق التطبيع بين المملكة ودولة الكيان والذي يحلم الصهاينة من خلاله باستعادة أرضهم في يثرب (المدينة المنورة) على حد ادعائهم، وهم يرون اليوم هذا الحلم يبتعد أكثر من أي وقت مضى.
وما كان هذا التقارب ليحصل لو لم تتدخل الصين بكل ثقلها الديبلوماسي لتسوية أحد أهم النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، والتي كانت أمريكا ستستعملها سلاحا ضد المصالح الصينية المتعاظمة في منقطة الخليج، وهي بهذا بدأت تزاحم أمريكا وتحد من نفوذها في المنطقة، فبعد الحرب على أوكرانيا، عبرت بلدان الخليج صراحة عن عدم وقوفها إلى جانب الخيار الأمريكي موجهة بصرها نحو الصين وروسيا سعيا منهم لحجز مكان لهم في النظام العالمي الجديد الذي بدأت ترتسم ملامحه في الحرب على أوكرانيا وعلى النظام العالمي المتعجرف الذي تمثله أمريكا والغرب، وهذا ما دفع بابن سلمان لقبول الاقتراح الصيني والجلوس مع إيران لحل الخلافات وتحقيق تقارب بين دولتين ستكونان من أهم ركائز نظام ما بعد الحرب على أوكرانيا المتعدد الأقطاب.
حدة حزام