اساطير

رأي في التطبيع!

نفاق، هو أقل ما يمكن أن يوصف به تصريحات الرئيس التركي، أردوغان، تعليقا على اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل برعاية أمريكية، حيث وصفه بالخيانة، وهدد بتعليق العلاقات مع الإمارات وسحب سفيره من أبو ظبي.

كلام أردوغان فيه ضحك على ذقن إخوانه في البلدان العربية، فبلاده كانت ولا تزال أهم أصدقاء اسرائيل في المشرق، ولها معها علاقات في جميع المجالات، وكانت من بين أولى الدول التي اعترفت بالكيان الصهيوني، حتى أن الطيران العسكري الاسرائيلي يتدرب دائما في الأجواء التركية، لضيق مجاله الجوي المحاط ببلدان عربية، أم أن الرجل انتقد الاتفاق، لأنه أفسد على صديقته قطر الفوز بقصب سباق التطبيع، وهي من فتحت البيت العربي عبر جزيرتها للرأي الاسرائيلي، وزار أميرها السابق اسرائيل وتربطه علاقات غير معلنة مع تل أبيب.

 من حق الشعب الفلسطيني وحده إبداء رأيه في هذا الاتفاق، إن كانوا يروا فيه ما يهدد قضيتهم، وأقول الشعب الفلسطيني، وأستثني منه القادة سواء في حماس أو في السلطة الفلسطينية، لأنهم هم أول من أساء لقضيتهم، بتشتيت صفوفهم، ورهن قراراتهم بيد عواصم أخرى تتلاعب بمصير قضيتهم العادلة وبالفساد المستشري في صفوفهم، وبسبب الخيانات الداخلية ومتاجرتهم بالقضية.

ثم ما فعلته الإمارات، فعلته قبلها مصر في كامب دافيد، وفعلته الأردن باتفاق وادي عربة، وفعلته أيضا سلطنة عمان التي استقبلت السنة الماضية رئيس الوزراء الاسرائيلي ناتنياهو، وستفعله قريبا المملكة العربية السعودية التي كانت أول من سلم فلسطين إلى بريطانيا لتقيم فيها وطنا لليهود، وستفعله قريبا المملكة المغربية وقد كشفت صحف اسرائيلية أن الدولة القادمة على مضمار التطبيع هي البحرين التي رحبت بقوة بالاتفاق.

 ثم حكاية أن الامارات اشترطت على اسرائيل، التخلي عن ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية، هي كذبة مفضوحة، وقد كذبها ناتنياهو وسفير واشنطن في تل أبيب حيث قالا، أنه تم تعليق قرار الضم ولم يلغ، ما يعني أن الإمارات لم تبحث في الاتفاق الا مصلحتها، أمام القضية الفلسطينية فكثيرا ما نقرأ تصريحات لمسؤولين إماراتيين وسعوديين ينتقدون القضية الفلسطينية ويعتبرونها ثقلا عليهم عرقلت مصالحهم. وكأن التطبيع الإماراتي صدم البعض، مع أن الجميع كان يعلم بزيارات قام بها ناتنياهو سريا إلى الإمارات، وكانت الإمارات سمحت للموساد بتصفية قادة عرب على ترابها مثل القائد في حزب الله اللبناني عماد مغنية الذي كان عضوا في حركة فتح الفلسطينية.

الإمارات حرة ومن حقها رعاية مصالحها، عليها ألا تكذب على الشعب الفلسطيني وتدعي أن الاتفاق في مصلحتهم، مثلما لن تكون الخطة السعودية التي يتباكى عليها أردوغان ويقول إن الاتفاق أفسد على الخطة السعودية التي طرحتها المملكة بديلا لصفقة القرن.  ثم ماذا عن الجزائر؟ هل نبقى مع فلسطين ظالمة أو مظلومة؟ وأين نحن من كل ما يحدث في العالم، ومن السباق المحموم نحو التطبيع، ونرفض الاعتراف بإسرائيل ومحمود عباس نفسه اعتلى من سنوات منبر الأمم المتحدة وأعلن اعتراف بلاده بدولة الكيان الصهيوني؟

اعتقد أنه آن للجزائر الجديدة أن تعيد النظر في بعض الثوابت، وأن تحدد علاقاتها بكل الشعوب وكل البلدان على أساس ما يخدم مصالحنا، فلسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، ولن نقدم للقضية إلا ما ينتظره الشعب الفلسطيني منا.

حدة حزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى