“حجر القطيع ! “

“حجر القطيع، يطلقون في الصباح ويحجر عليهم في المساء”، هكذا علق من أيام رواد لمواقع التواصل الاجتماعي منتقدين الاجراءات التي اتخذتها السلطة للحد من انتشار وباء الكورونا في بلادنا منذ تسجيل أول حالة إصابة، فلا نحن طبقنا سياسة مناعة القطيع التي أعلنها رئيس الوزراء البريطاني في بداية انتشار الوباء في بلاده، عندما رفضت المملكة تطبيق الحجر معولة على المناعة الجماعية، وقال كلمته الشهيرة “ودعوا أحباءكم” عندما قرر تطبيق ” مناعة القطيع “، السياسة التي دفعت ثمنها المملكة غاليا، وكاد بوريس جونسون أن يدفع حياته بعد إصابته بالكوفيد-19.
أما نحن فبقينا نتأرجح بين تشديد الحجر وتخفيفه، بين الغلق والفتح، وطالت بنا الطائلة، وسئم الناس من الاجراءات، ومن فقدان الآلاف للقمة عيشهم اليومية، بسبب اجراءات غلق المقاهي والمطاعم والنقل الجماعي، وهي القطاعات التي تمتص نسبة كبيرة من البطالة.
ورغم صرامة الاجراءات المتخذة، وسهر السلطات على توفير العلاج لكل المصابين بمن فيهم من لم تثبت إصابته بالفيروس وبالرغم المتابعة الجادة من الحكومة لتطورات الوباء، وتخصيص كل الامكانيات لاحتواء الوباء، إلا أن غياب الوعي لدى شريحة واسعة من المواطنين، وعدم التزامها بالإجراءات الصحية المتخذة وبالتباعد الاجتماعي وارتداء الاقنعة الواقية هو من أدى إلى الانفجار المسجل في الاصابات، وإن بقيت الوفيات مستقرة، فأغلب الاصابات باستثناء المسجلة في الاطار الطبي، كانت ناتجة عن تجمعات في أعراس أو مآتم، وهذا ما يمكن لن نصفه بالنكتة المذكورة أعلاه “حجر القطيع”.
الآن، لم تعد العودة الى الحجر الصارم ممكنة، فحتى في البلدان التي تسجل أضعاف الاصابات والوفيات، المسجلة عندنا والمرتاحة اقتصاديا، اضطرت إلى تخفيف الاجراءات أو إلغائها نهائيا، لأن الحياة لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، حتى أن دراسات طبية أثبتت أن الحجر الصارم أضر بالصحة الجسمية والنفسية للناس، ولم يعودوا يطيقون الغلق، وصارت العودة الى الحياة الطبيعية هي الحل، مع اجبارية ارتداء الأقنعة في الأماكن العمومية والمغلقة واحترام مسافة معينة بين الافراد، للحد من انتشار الإصابات.
الآن وقد صرنا نعرف الكثير عن الفيروس وعن طريقة انتشاره وكيفية حماية أنفسنا منه، فيبقى الحل الآن بيد الناس، وكل معني بحماية نفسه من الإصابة، والذي ما زال لا يصدق أن فيروس كورونا هو وباء قاتل ويعتقد أن السلطة هي من تقف وراءه للتضييق على الحريات، فهو وحده المسؤول عن نفسه وعن حياته.
لكن تبقى الحكومة مسؤولة عن توفير إمكانيات العلاج والأقنعة الواقية بأسعار تكون في متناول الجميع، أما احترام الاجراءات الصحية من عدمها فهي مسؤولية الأفراد لا غير.
حدة حزام