اساطير

حتى لا نلدغ من نفس الجحر!

عنونت صحيفة وطنية أمس في صدر صفحتها الأولى، تورط حداد وعولمي وطحكوت في تبديد400 ألف مليار. أرقام خيالية ما زلنا نصدم بها مع كل محاكمة لرموز فساد حكم بوتفليقة، وما زلنا لم نعرف بدقة حجم الفساد والنهب الذي طال الخزينة العمومية التي تقاسمتها مجموعة قليلة من المنتفعين بتواطؤ من شقيق الرئيس الذي نصب نفسه رئيسا بحكم صلة الدم ، ورئيسي حكومة سابقين، ولا ندري حجم الأموال المهربة في شكل خطوط قروض، يصرف القليل منها في مشاريع هنا بالجزائر، والبقية تحول إلى حسابات في ملاذات مالية آمنة في الخارج، ولن نتحدث عن الأراضي الفلاحية التي تقاسموها فيما بينهم ، فلا هم استصلحوها واستثمروها، ولا هم أعادوا القروض المستلفة لاستصلاحها.

سرطان حقيقي، عانت منه البلاد لمدة عشرين سنة بل لأكثر من هذا، ولما لا تمتد التحقيقات حتى مرحلة الرئيس الشاذلي أين اختطفت عائلات من محيطه ومقربيه البلاد وثرواتها، فالفساد وإن كان لم يرق للأرقام المهولة التي نهبت في عهد بوتفليقة، إلا أن جذوره الأولى تعود لعهد الرئيس الشاذلي وحاشيته.  لكن هل نحن اليوم في مأمن في الجزائر الجديدة من تغول عصابة أخرى تختطف البلاد وثرواتها، وفي منأى عن ظهور سلال آخر أو حداد وطحكوت وأويحيى آخرين؟ الوقت مبكر جدا للجزم بهذا، وإن كانت العصابة التي حكمت البلاد لمدة عقدين تقبع في السجن بدون رحمة ولا آسف ، وقد تكون درسا لكل من يتبوأ مسؤولية مستقبلا سواء كان صغيرا أو كبيرا، لكن الضامن الوحيد لكي نقطع الطريق أمام عصابة أخرى، أن نؤسس لعدالة مستقلة وقوية ونزيهة، ونعيد لمؤسسات الرقابة على المال العام مثل المحاسبة دوره الرقابي والدستوري، بعيدا عن دواوين محاربة الفساد المزعومة التي أسست في الفترة السابقة للتغطية على الفساد أكثر منها لمحاربته، وأن ينخرط المواطن والموظف والعامل في كل المؤسسات في الكشف عن الفساد والتبليغ عنه، مع ضمان حمايته، بدل معاقبته وتجويعه وحرمانه من مورد رزقه وملوك بن يوسف خير دليل على هذا، فقد تورط الجميع في الفساد بما فيهم الاعلام بتستره على الفساد أحيانا، وأحيانا أخرى كان شريكا في نهب المال العام.

لكن ما يحدث الآن في أروقة العدالة، وما يجري من تحقيقات في قضايا الفساد من قبل الدرك الوطني، والوضع المزري الذي ظهر عليه المتورطون من رجال كانوا بالأمس القريب يتمتعون بالمناصب وبالسلطة المطلقة، قد يكون رادعا لمن سيتقلد مناصب عليا مستقبلا، فبعد حراك 22 فيفري لن يسمح الجزائريون بأن تتحكم عصابة أخرى في مصيرهم، ولن تعرف الجزائر استنزافا لثرواتها ورهنا لمصير شعبها بيد عصابة أخرى.

الجزائر الجديدة التي وعد بها الرئيس تبون تلبية لمطالب الشعب الجزائري، لن تسقط مرة أخرى رهينة عصابة هذا إذا نجحت في إرساء عدالة مستقلة ومؤسسات مراقبة قوية، وبرلمان يقوم بدوره الدستوري لا جمعية لإضفاء الشرعية على مشاريع اللصوص.

حدة حزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى