اساطير

تونس، بين السياحة والكرامة!

كم مرة دافعت في مقالاتي في هذا الموقع عن تونس، ودعوت للذهاب بقوة إلى هذا البلد الجار لدعم موسم السياحة هناك كلما ضرب الإرهاب مناطق سياحية واستهدف السياح، لتركيع السلطة ولخنق الحريات وكل الأصوات المعارضة للتيار الأصولي، لأن السياحة هي مورد الرزق الأساسي للشعب التونسي، والسياح الجزائريون بعد الليبيين هم أهم الزبائن، فهم لا يرتادون فقط الفنادق الفخمة مثلما يفعل السياح الغربيون، بل يصبون أموالهم مباشرة في جيوب المواطنين البسطاء،حيث يؤجرون بيوتهم، ما يسمح لآلاف الأسر من تحقيق مكاسب معتبرة، ليس فقط في موسم الاصطياف بل طوال السنة.

لكن هذه المرة، وإن كنت لا أدعو لعدم التوجه إلى الوجهة التونسية، احتراما للحريات الشخصية، وأيضا احتراما لقرارات السلطات الجزائرية التي تفضلت واستجابت لتوسلات الرئيس التونسي، قيس سعيد، وفتحت الحدود رغم موقف خيانة الجيش التونسي لبلادنا بمشاركته في المناورات الإسرائيلية الأمريكية بالمغرب، والتي كانت موجهة ضد بلادنا، فأنا شخصيا أفضل الشواطئ الجزائرية، خاصة وأن المتاجر والفنادق التونسية بمجرد اتخاذ قرار فتح الحدود من طرف الرئيس، تبون، وانطلاقالجزائريين في عملية الحجز في الفنادق استعدادالقضاء عطلهم في مصايف تونسية، حتى ضاعف أصحابها الأسعار بصورة خيالية، فهل هكذا نجازى عن كرمنا وتضامننا اللامشروط دائما مع الشعب التونسي؟  

فبعد الحملة الشرسة التي قادها ضد بلادنا المدعو،صافي السعيد، عبر الإعلام، وذمه الدائم للجزائر ولما يسميه بالنظام الجزائري، ها هي السلطات التونسية التي سمحت برفع الأسعار تنتقم منا وتحاول تحقيق مكاسب فقدتها أيام الغلق الذي فرضته الجائحة.

لكن المشكل منا وفينا، فنحن من أهملنا قطاع السياحة، وقدمنا ملايين السياح سنويا هدية للاقتصاد التونسي، لأن السائح الجزائري معروف بسخائه واستهلاكه للبضائع التونسية، عكس الأوروبي الذي يكتفي باقتناء هدايا تذكارية بسيطة، وكان بإمكاننا أن نشجع الاستثمار السياحي وتشجيع السائح الجزائري على اختيار الوجهة الداخلية، فبلادنا غنية بالمناظر الطبيعية وأجمل الشواطئ في شمال افريقيا، وكان بإمكاننا أن نحقق مكاسب من السياحة بدل الاعتماد على المحروقات وحدها، لكننا أهملنا هذه الثروة التي تدر أرباحا خيالية على جيراننا، وتركنا الإرهاب الفكري يعشش في العقول، ليحرم الجزائريين وخاصة الجزائريات من الاستمتاع بالبحر، وهو ما جعل الكثير من العائلات تقصد الشواطئ التونسية بحثا عن الحرية.

لن أذكر هنا المعاملة السيئة التي كان يقابل بها السياح الجزائريون فور دخولهم التراب التونسي، خاصة أيام الأزمة الأمنية، وكانوا ينعتونهم بالإرهابيين، أو الحملة الشرسة التي قادها الاعلام التونسي ضدنا أثناء المقابلة الكروية خلال كأس العرب، وغيرها من المقابلات السابقة، لكن يبدو أنه من واجبنا كشعب وليس كسلطة، لأن للسلطة وللعلاقات بين الدول منطقها، أن نراعي مصالحنا، ولا نسمح بأن يضحك هؤلاء الذين عاشوا ويعيشون من كرمنا على ذقوننا.

يحضرني الآن ما قاله لي مرة وزير الخارجية الأسبق،مساهل، أن وزير الخارجية التونسي تدخل خلال اجتماع لوزراء الخارجية العرب ببلادنا، طالب من مساهل الإسراع بفتح الحدود مع المغرب، فكان رد مساهل أن تونس هي من ستخسر في حال فتح الحدود لأن السياح الجزائريين سيتوجهون إلى المغرب، فما كان من الوزير التونسي إلا العدول عن طلبه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى