اساطير

بين قنبلتي بوراوي والنووي!

أمس حلت الذكرى الـ 63 للتجارب النووية أو بالأحرى للقنبلة القذرة التي فجرتها فرنسا في رقان، والتي كانت أكبر بضعفي قنبلتي هيروشيما وناغازاكي التي أطلقتهما أمريكا على اليابان في نهاية الحرب العالميةالثانية، وما زالت اشعاعات “الجربوع الأزرق” التسمية التي أطلقت على القنبلة، تتسبب سنويا في عاهات وأمراض لسكان المنطقة، حتى أنه اشتكى الاعلام الأوروبي السنة الماضية من العواصف الرملية القادمة من الصحراء الجزائرية حتى فرنسا واسبانيا، كون رمالها ملوثة بالإشعاع النووي.

وكنا ننتظر مع اقتراب الذكرى أن تعترف فرنسا بجريمتها هذه ضد الإنسانية وضد البيئة، وتعالج الآثار المترتبة عن هذه التفجيرات التي استعملت فيها ما لا يقل عن 150 معتقلا كفئران مخابر لتجاربها النووية، في البيئة وتنقل النفايات المتبقية هناك، وتعترف بمسؤوليتها في الجريمة وبالانعكاسات الوخيمة على صحة السكان، وتمد بهذا الاعتراف جسورا جديدة للتقارب الجزائري الفرنسي وتطوي به صفحة أليمة من تاريخها اللاإنساني في مستعمرتها بل في مستعمراتها القديمة، فإذا بأيد خفية تفتعل أزمة ديبلوماسية وتعصف بكل جهود التقارب التي يسعى البلدان لتحقيقها وطي صفحة الخلافات الماضية، وتتدخل لتهريب الناشطة بوراوي الحاملة للجنسية الفرنسية والمطلوبة من العدالة الجزائرية، بدعوى أن هناك حملة تضييق على الحريات في الجزائر، وتفتح العنان لصحافتها الرسمية لتقود حملة قذرة على الجزائر، كما فتحت كل المنابر الإعلامية لبوراوي لتفرغ أكاذيبها وحقدها على الجزائر التي تنكرت لها، باسم حرية التعبير وحقوق الانسان الورقة التي يلوح بها في كل مرة الاستعمار الجديد لضرب البلدان وقلب الأنظمة، التجربة المريرة التي تعيشها اليوم شعوب العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان وغيرها.

أليس من باب الدفاع عن حقوق الانسان وحق البيئة أن تعترف فرنسا بجرائمها النووية في بلادنا وتعمل على إصلاح ولو جزء يسير من مظاليمها لسكان المناطق المتضررة؟

أم أنها ازدواجية المعايير، وما افتعال قضية بوراوي ما هي إلا لعبة قذرة لعبتها أطراف ازعجها التقارب المحقق مؤخرا بين البلدين، على حساب المملكة المغربية، حتى أن مجلة “الإيكونوميست” الفرنسية نشرت الأسبوع الماضي تقريرا تقول فيه أن باريس سعت منذ فترة للتقارب مع الجزائر على حساب المغرب شأنها شأن العديد من الدول  التي تواجه أزمة غاز بسبب الحرب الأوكرانية، الأمر الذي يكون أزعج اللوبيات الصهيونية في فرنسا التي تسعى لإفشال هذا التقارب حماية للمصالح المغربية بل لحماية المصالح الإسرائيلية في المغرب، وهي نفس اللوبيات التي تسيطر على الاعلام الذي فتح كل منابره للطبيبة الفارة لتعمق من الأزمة وتؤلب الرأي العام على بلادنا، ولم تقصر صحيفة لوموند العريقة في تسويد صورة الجزائر خدمة لهذا اللوبي المتغول في الغرب.

ما زال أمام فرنسا الكثير من الفرص لتصحح أخطاء الماضي والحاضر إن كانت تريد علاقة ندية علاقة رابح رابح مع الجزائر، شرط أن تتوقف على الإساءة للجزائر وأن تلجم كلابها المسعورة في الاعلام، ولا تتحجج بحرية التعبير، لأنه صرنا اليوم نعرف مفهوم حرية التعبير في فرنسا منذ منعها لقنوات التلفزيونية الروسية من البث في فرنسا ومن التعتيم على مظاهرات السترات الصفراء.

حدة حزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى