بعد الاعترافات.. الدولة أمام مسؤولياتها!

..واتضحت الصورة أكثر اليوم باعتراف الموقوفين الذين قدمتهم أمس مصالح الأمن عبر شاشات التلفزيون، معترفين كلهم بعلاقتهم بالحركة الانفصالية “الماك”، بمن فيهم المتهم “س. حسان” القادم من ميلية.
كلهم اعترفوا بالجرم المشهود الذي صوروه بأنفسهم ونشروه عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير آبهين، وكأنهم كانوا متيقنين أنهم لن يتابعوا، ما داموا يقطنون في منطقة القبائل، “العصية” على الأمن وعلى الدولة، ويعتقدون أنهم أضعفوها عندما طردوا منذ أحداث 2001 قوات الأمن منها، وحتى أثناء عودتها من سنوات قليلة وجدت أن الأوان قد فات، فقد كان للحركة متسع من الوقت لتنتشر بين سكان تيزي وزو وبجاية وحيث يسكن القبائل، سواء عن طريق الادعاء بتفوق العنصر القبائلي على بقية سكان الجزائر، أو عن طريق القوة، مقابل تخاذل الدولة وعدم بسط قوتها في هذه الولايات التي خرجت عن القانون، إلى درجة صار بعض سكانها، حيث تسيطر الحركة الإرهابية، يرفضون تدريس العربية أو رفع العلم الوطني، بل صاروا يجبرون السكان على مقاطعة الانتخابات تحت طائلة التهديد، ويغلقون أبواب البلديات بالطوب والاسمنت، ويكسرون ويحرقون صناديق الانتخابات، في أفعال لا تقل جرما عما ألحقته الجماعات الإرهابية سنوات التسعينيات بالبلاد.
اليوم، وقد مرت الحركة التي تطاولت على أمن البلاد ووحدتها إلى العنف، محاولة لي ذراع الدولة، بتورطها في جريمة قتل وحرق على المباشر، وبتوجيهات من جهات مجهولة عبر هاتف الثريا، وستكشف التحقيقات حتما لاحقا عن وجه الجموع التي كانت تقف بفي انتظام وسط الساحة، لتتحول إلى وحوش هائجة، تنكل وتقتل وتحرق شابا دون منحه فرصة لتبرئة نفسه، ولا حتى شربة ماء يطفئ بها نار عطشه.
كل شيء كان منظما ومرتبا بإحكام، والهدف منه توجيه رسالة للدولة، لجر البلاد إلى العنف، بعدما فشلت الحرائق المفتعلة والتي يكون لجماعة الحركة يد فيها في إظهار أن تيزي وزو معزولة وتواجه بمفردها النيران، لأن الحركة كانت تحضر ملفا لتقديم شكوى بمن تسميه بالنظام الجزائري أمام محكمة العدل الدولية مدعية أن النظام، على حد تعبيرها، هو من أضرم النيران لإبادة القبائل، بعدما ضحت بالعشرات من الأبرياء في قرى تيزي وزو راحوا ضحية المخطط الشيطاني للخائن، فرحات مهني.
اليوم اتضحت الصورة، والسلطة التي عجزت سنة 2001 بعد الأحداث التي عرفتها تيزي وزو بعد مقتل الشاب المغدور، ماسينيسا قرماح، على تسيير الأزمة، ربما بتواطؤ من بعض قبائل السلطة، وأجبرت تحت الاحتجاجات التي سقط خلالها قرابة الـ200 قتيل، في محاولة أولى للي ذراع السلطة وإجبارها على معاملة سكان هذه الولايات معاملة خاصة تحت منطق ” الجنس السامي”، فصار لزاما على الدولة اليوم أن تضرب بيد من حديد قبل انفلات الوضع، لأن الغضب الذي عبر عنه الجزائريون في كل ولايات الوطن الأخرى وهم يتابعون يوما بعد يوم تفاصيل الجريمة النكراء، لا يمكن الاستهانة به، والدولة مجبرة اليوم على إعادة النظر في المخطط الأمني في ولايات تيزي وزو وبجاية والبويرة، وتكون حاضرة، شرطة ودركا وجيشا، في كل شبر، وليس فقط في كل حي، فالتسيب الذي عاشته هذه الولايات بعد أن أخلى المكان للحركة الخبيثة، يجب أن ينتهي، وإلا ستحل الكارثة، فبقية الشعب الجزائري الذي مل من سياسة الكيل بمكيالين لن يسكت هذه المرة، فإن لم يطبق القانون على المجرمين، وإن لم تسترجع سيطرتها هناك، فتحل شريعة الغاب، وتتحول إلى انتقام من كل من لهم علاقة بهذه الجهة لا قدر الله، فالغضب بلغ حدا لا يطاق، والوضع متكهرب ويمكن أن يحدث الانفجار في أي لحظة .
حدة حزام