النفاق الأوروبي لا حدود له

يتباكى الاوروبيون اليوم على تحويل اردغان سلطان إسطنبول المزعوم كنيسة آية صوفيا إلى مسجد ويتأسفون على طعن اردغان الحوار الديني المسيحي الاسلامي، و لا أحد يعرف هل ينفع البكاء والندم على رجل معروف بمنابعه المتطرفة لأن اردغان قبل أن يلتحق بحزب أربكان كان مناضلا في صفوف الحزب الإسلامي التركي المتطرف’ ميلي غوريش’ و لا يمكن للاتحاد الاوروبي ان يجهل مسار اردوغان، ورغم هذا المسار فإن للاتحاد دورا اساسيا في اعتلاء اردغان الحكم في تركيا لأنه كان ممنوعا بحكم القانون بأن يصبح رئيس وزراء، وتلقى الجيش التركي عدة ضغوط حتى يسمح لأردغان بأن يكون رئيس وزراء حينها، وتم الغاء الحكم عليه بالسجن في وقتها، ولم يكن لأردوغان ان يصبح رئيس وزراء لولا الضغط الاوروبي والامريكي على الجيش التركي الحامي للعلمانية حسب دستور تركيا والذي لم يقبل اردوغان، حجة الاوروبيين في ذلك بالتنسيق مع الديمقراطيين في امريكا هو تجريب الاسلام السياسي في الحكم، ربما سيتحول كما تحول المسيحيون الديمقراطيون إلى السياسة وتركوا الاعتماد على الديانة.
التجربة التي دعمها الاتحاد الاوروبي دون علم بحقيقة التيارات الاسلاموية وخطورتها تتحول مع اردغان إلى كابوس حقيقي، وكانت اول ضربة تلقاها الاوروبيون هي في عملية الانضمام لما اكتشفوا ان اردغان يكذب عليهم وأنه يهيئ لنظام ممركز دكتاتوري يتعارض كليا مع القيم الاوروبية التي تعتبر احد اسس الاتحاد الاوروبي، فتم توقيف المسار التفاوضي نهائيا.
ومن اكتشاف إلى اكتشاف وصلنا إلى ما هو عليه الآن، تحويل متحف اية صوفيا إلى مسجد، في محاولة من اردغان استعطاف السذج من المسلمين، ولم لا استعمالهم ضد حكومتاهم بتحويلهم إلى جيش انكشاري جديد، ثم التنقيب عن الطاقة أمام شواطئ قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الاوروبي، وأمام الضغط الاوروبي اكتشف اردوغان النفط الليبي وهو سهل المنال بالنسبة لنظرته لوجود مناصرين له في طرابلس مرورا بتونس النهضة.
تصرفات اردغان تخالف كل ما كان يراه فيه الاوربيون، بل أوصل العلاقات التركية الاوروبية إلى أزمة سياسية، وقد تتحول إلى ازمة عسكرية وأمنية قريبا جدا، ولكن ميزة سياسة اردغان أنها كشفت النفاق الأوروبي على حقيقته.
مراسل “الفجر” من بروكسل.. لخضر فراط
صحفي معتمد لدى الاتحاد الاوروبي والحلف الاطلسي