!المبادرة العربية والأزمة الأوكرانية

بعيدا عن فضح الحرب الأوكرانية الروسية لحكومات الغرب المتشدقة بمفاهيم الحرية وحقوق الانسان، وحكاية فصل الرياضة عن السياسة، والتي آخرها، أن المتحف البريطاني عمد إلى تغيير اسم لوحة للرسام الفرنسي إدغار دوغا يعود تاريخها إلى أكثر من قرن، من “راقصات روسيات” إلى اسم ” راقصات أوكرانيات”، والتي أظهرت ضحالة الفكر الغربي الذي لا يؤمن حتى بالأفكار التي يفرضها على بقية الأمم، ننتظر من مجموعة الاتصال العربية التي يقودها وزير خارجيتنا رمطان لعمامرة والتي اجتمعت بوزراء خارجية روسيا وأوكرانيا، تنفيذا لقرار المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية المنعقد مطلع مارس الماضي، وأكدت على ضرورة حل الأزمة سياسيا.
المبادرة العربية التي جاءت في أوانها، ليس فقط لبعد البلدان العربية على الصراع الدائر في منطقة البلقانجغرافيا، وبين البلدان الغربية التي تريد هيمنة نظامها العالمي الجديد على بقية شعوب المعمورة، بل لما يعطي المبادرة من أهمية ، خاصة لما تأتي من بلدان عرفت بصداقتها مع روسيا مثل الجزائر التي لا تزال تتمسك بمبادئ دول عدم الانحياز وإصرارها دائما على حل الأزمات بالطرق السلمية، وهو نفس الموقف الذي تقفه من الأزمة الليبية وقبلها الأزمة السورية والعراقية.
فبعد كل الأكاذيب الاعلامية والبروباغاندا الإعلام الغربي حول الحرب والذي كان ينقل الكثير من التقارير المزيفة حول الجرائم المنسوبة للجانب الروسي بينما يغفل ثمانيسنوات من الجرائم المتواصلة في حق جزء من الشعب الأوكراني في منطقة دونباس، من قبل النازية الجديدة، تأتي المبادرة العربية لتتقصى الحقائق من مصادرهامثلما قال وزيرنا للخارجية رمطان لعمامرة ” أن المجموعة باتت على دراية افضل بتطور الأوضاع في الأزمة الأوكرانية والمخاوف القائمة”، وهذا بعيدا عن لغة التهديد والعقوبات التي فرضتها الحكومات الغربية على طرف من طرفي النزاع والتي لم تزد الوضع إلا تأزما وتعنتا، وهو الهدف في الحقيقة الذي دفعت من أجله أمريكا والغرب بأوكرانيا للمواجهة مع روسيا، طمعا في تحجيم القوة الروسية والدفع بها إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.
ثم إن البلدان العربية ما كانت لتبقى مكتوفة الأيدي تتفرج على أزمة من حجم هذه الحرب الدائرة بين بلدين من حجم روسيا وأكرانيا، ليس فقط من باب عواقبها الانسانية وما خلفته من نازحين، ومن تهديد للسلم والأمن العالميين، بل أيضا لما تخلفه هذه الحرب من تهديدات للتوازنات الاقتصادية العالمية، والخوف من اقبال العالم على مجاعة بما أن البلدان يشكلان أهم مصدر للقمح في العالم، خاصة وأنها جاءت والعالم لم يتعاف بعد من مخلفات جائحة كورونا التي ضربت في العمق الاقتصاد العالمي.
هذا ما يدفعنا للتفاؤل إذا بمساهمة مجموعة الاتصال العربية، والتي تقف على نفس المسافة بين طرفي الأزمة، لأنه لا مصلحة لها في حرب كان بالإمكان تفاديها بالحوار، لو لم يكن لحلف الناتو صانع الحروب والأزمات من أهداف توسعية على حساب أمن روسيا ومصالحها.
حدة حزام