!القضية قضية وعي

محق الوزير الأول عبد العزيز جراد عندما “حمّل المسؤولية غير المباشرة لارتفاع الإصابات لما اسماه فئة من المجتمع ما تسبب في قتل جزائريين”.
لكنه ليس بالضرورة أن تكون هذه الفئة تحمل خلفيات سياسية معادية لتوجهات الحكومة، فالقضية تتعلق بانعدام الوعي الصحي من جهة وانعدام الثقة في كل ما يأتي من السلطة حتى لو كان في مصلحة المواطن.
صحيح أنه في بداية أزمة كورونا، حاول بعض الحراكيين وحتى وسائل إعلام غربية ادعت أن السلطات الجزائرية استغلت الوباء للتضييق عن الحراك، وهتف الحراكيون “الحراك وكورونا خاوة خاوة “، لكن بعدها فهم البعض أن الأمر في غاية الخطورة ووجب تجنب التجمعات لما ستسببه من كوارث صحية.
وليس بعض الحراكيين فقط من يعتقد أن كورونا أكذوبة صنعتها السلطة، وكان ربما على وسائل الإعلام المرئية أن تنقل معاناة المرضى المصابين بكوفيد-19، وكيف يتنفسون بصعوبة، وتبث روبورتاجات بالصوت والصورة على معاناة الأطباء وكيف حرموا حتى من العودة الى أسرهم وأطفالهم، وأسرة المستشفيات المملوءة عن آخرها بهؤلاء المرضى، ليفهم هؤلاء حقيقة الخطر الذي تواجهه الجزائر، وزاد من حدته رفض الناس للالتزام بالحجر وبالشروط الصحية.
أعود دائما لمسألة الوعي، فسبق وتسبب التهافت في رمضان الماضي على الحلويات وعلى أكياس السميد في انفجار الاصابات، مما اجبر الحكومة على إعادة تشديد الاجراءات الصحية، وغلقت من جديد محلات الحلويات واللباس الذي شهد اقبالا كبيرا للزبائن وارتفعت معه من جديد الاصابات.
اليوم نفس المأساة تتكرر مع اقتراب عيد الأضحى وتهافت الجزائريين على أسواق الماشية خاصة في المدن الداخلية ومناطق الهضاب التي تشتهر بتربية المواشي، لهذا صار من الضروري غلق أسواق المواشي، ولما لا الدعوة للتخلي عن التضحية هذه السنة تفاديا للاحتكاك ونشر العدوى.
مرة أخرى، قرار صائب أيضا للوزير الأول الذي ترك الحرية للولاة في الولايات وخاصة المتضررة من الوباء، في اتخاذ قرار الحجر الجزئي أو الكلي، خاصة في هذا الظرف حيث تنسق أسواق المواشي بصورة فوضوية في كل المدن والاحياء.
منذ البداية كنا نعول على وعي الجزائريين للوقوف في وجه انتشار الوباء حماية للصحة الشخصية والصحة العمومية، لكن يبدو اننا خسرنا الرهان، وسندفع الثمن غاليا.
حدة حزام