الجزائر قوة إقليمية رغم حقد الحاقدين!

ليس غريبا أن يخرج التنافس الروسي ـ الأمريكي على كسب ود الجزائر إلى العلن هذه الأيام، وأن يتحدث وزير الخارجية الروسي في ندوة صحفية كان محورها الجزائر صراحة عن أهمية العلاقات الجزائرية ـ الروسية ويرد على تهديد مجموعة من أعضاء الكونغرس الأمريكي لبلادنا والمطالبة بتسليط عقوبات على الجزائر لأنها لم تدعم العقوبات على روسيا التي فرضتها عليها أمريكا والاتحاد الأوروبي عقابا لها على عمليتها في أوكرانيا، حيث قال لهؤلاء أنكم هاجمتم الشخص الخطأ، وهذا ما كان ليحدث لو لم تعتبر كل من روسيا وأمريكا أن الجزائر هي القوة الإقليمية في المنطقة وليس من مصلحة كليها مناصبتها العداء.
الفضل، كل الفضل في اهتمام القوى الكبرى بالجزائر مع العمل على ترقية علاقتها بها يعود إلى السياسة الراشدة والعقلانية للرئيس تبون الذي أعاد للجزائر هيبتها بالفعل وليس مثلما حدث في وقت سابق، فقد فرض على كل من أوروبا وأمريكا احترام خيارات الجزائر في بناء شراكة وعلاقات اقتصادية وسياسية مع من تشاء، دون الالتفات للضغوط ولا التهديدات بالعقوبات من أي كان، وإعلان الرئاسة على الزيارة التي سيقوم بها الرئيس تبون إلى موسكو ماي المقبل، الزيارة التي أسالت الكثير من الحبر بسبب تأجيلها والتأويلات التي تلت إعلان تأجيلها، جاء كرد على المشككين في الداخل والخارج، والمدعين أن روسيا غاضبة من الجزائر وأن زيارة الرئيس تبون إلى موسكو ألغيت من طرف روسيا ولم تؤجل، وأن الجزائر رضخت للضغوطات الأمريكية خوفا من التهديد بالعقوبات التي طالبت بها مجموعة من أعضاء الكونغرس مثلما ذكرت سابقا، وربط بعضهم إلغاء المناورات التي كانت مبرمجة قبل نهاية السنة الماضية بين الجيشين الجزائري والروسي بالخوف من هذه العقوبات.
لكن ها هو لافروف يرسل إلى هؤلاء الكثير من الرسائل المشفرة حول علاقة روسيا بالجزائر التي قال إنها كانت سابقة حتى لإعلان الاستقلال.
قلت كل هذا يعود إلى السياسة الحكيمة للجزائر كدولة من دول عدم الانحياز تحرص دائما على التوازن في علاقاتها الخارجية، وأيضا الى رئيس الجمهورية، والذي منذ موقفه من تصريحات الرئيس الفرنسي، ايمانويال ماكرون، وتراجع العلاقات بين بلدينا إلى مستوى لم تعرفه مسبقا، حرر القرار الجزائري من الاملاءات الفرنسية، مثلما كان ذلك سائدا زمن الرئيس السابق، فقد أعطت شخصيته الصارمة في تعاملاته مع نظرائه الكثير من القوة للمواقف الجزائرية اتجاه القضايا الراهنة مثل القضية الفلسطينية والصحراوية وأيضا الازمة الليبية،وهو ما جعل القوى الكبرى تغير نظرتها إلى بلادنا وتعطي الكثير من الأهمية لعلاقاتها الاستراتيجية بالجزائر القوة الاقليمية في المنطقة وتسعى لترقيتها والتعامل معها معاملة تفضيلية.
وتأكيدي على مصطلح “القوة الاقليمية” فيه رسالة إلى الغربان الناعقة في المغرب والتي تقرع طبول الحرب مع الجزائر مستقوية بعلاقاتها مع الكيان الصهيوني والاتفاقيات العسكرية المبرمة بين المخزن ودولة الاحتلال، ورسالة أخرى للطابور الخامس في صفوف المعارضة وبعض الاقلام المأجورة، في الداخل والخارج الذي طالما استخفت بمواقف الجزائر واستعملت المصطلح للتنكيت والتقليل من شان بلادنا.
حدة حزام