التطهير، التطهير.. !

كشف الخطاب القوي الذي ألقاه رئيس الجمهورية أمس أمام ولاة الجمهورية، الغطاء على ما أسماه محاولات إثارة الغضب الشعبي عبر الاحتجاجات المدبرة لضرب استقرار البلاد.
كلام الرئيس فسر أسباب الجمود الذي تعيشه البلاد منذ أشهر، ما أدى إلى تسلل الإحباط إلى النفوس، حتى من الذين كانوا يؤمنون بالتغيير، وبأن البلاد أصبحت بين أيدي آمنة، رغم أذرع العصابة التي لا تزال تلتف على دواليب الدولة والإدارة وبيدها الكثير من مراكز القرار التي لن تسمح بنجاح أية محاولة لإخراج البلاد من الأزمة.
الصراع قوي على المصالح، والرئيس يعرف أكثر من غيره مدى خطورة الأخطبوط الموروث على المرحلة السابقة، لكن التذمر لا يكفي يا سيادة الرئيس، ونيتكم الخالصة لإخراج البلاد من الحفرة السحيقة التي تركها فيها سابقوكم لن تكفي للتغلب على عصابة تقدم رشاوى دولية بعشرات الملايين من الدولارات لتمنعكم من النجاح في مهمتكم، مثلما حاولت سابقا في منعكم من النجاح في مهامكم لما كنتم على رأس الوزارة الأولى فهي ما زالت تحاول، فالوضع الآن يختلف، وجزائر ما بعد الحراك المبارك مثلما تقولون، لا يجب أن يبقى فيها لهؤلاء أدنى ذرة الأمل لزعزعة استقرار البلاد، لكنها ستبقى تحاول وستنجح أحيانا في عرقلة مسيرة التغيير، لأن ما زرعته لمدة أزيد من عشرين سنة في كل المناصب والمؤسسات البسيطة والسيادية ما زال يشكل خطورة، رغم الحرب التي تخوضها العدالة ضد رؤوس الفساد.
أضربوا سيادة الرئيس، أضربوا بقوة، فأنتم مجبرون على خوض معركة شرسة ضد هؤلاء، وتبدأوا بالتطهير على كل المستويات وفي كل المؤسسات التي لا تزال موبوءة بوباء أخطر من كورونا، وباء الفساد الذي نخر البلاد، ويكفي دليل على ذلك ما كشفته المحاكمات الأخيرة التي فضحت النظام السابق، نظام بارونات المخدرات وتهريب المال العام إلى الخارج بحماية مؤسسات الدولة.
نجاحكم في هذه المهمة الصعبة والخطيرة، يتوجب عليكم الارتكاز على النساء والرجال الذين يؤمنون مثلك بمشروع التغيير، وبنيتكم الصادقة للتغلب على العراقيل، وليس على من كانوا يرافعون لمقاطعة الانتخابات، ويهتفون في الشارع ” ما كانش انتخابات مع العصابات” ولا على من اغترفوا مع العصابة وكانوا جزء من ذراعها الإعلامي الذي حاول فرض الخامسة بالقوة، لأن تعيين مثل هؤلاء في المناصب الحساسة، هو أكبر العراقيل في طريق التغيير، ولن تنتظروا منهم أن يطبقوا القرارات المتخذة.
نعم، ربما البلاد في حاجة لكل أبنائها بعيدا عن كل الضغائن، لكن الآن اتضحت أمامكم الرؤية وعليكم أن تصححوا الوضع في القريب العاجل، قبل أن تتفكك صفوف من كانوا يؤمنون بكم وبمشروع التغيير وبالجزائر الجدية التي وعدتم بتحقيقها.
العصابة معروفة، فبعضها في السجون، لكن الأخطر منها من بقي في المراكز الحساسة، تواصل مشروعها التخريبي لا أقول في غفلة منكم، لأن خطابك أمس أظهر معرفتكم بكل ما يخطط له، ليس لضرب استقرار بل للانتقام من بلاد وشعب بأكمله.
وحدكم تعرفون حجم المخاطر، ووحدكم في يدكم سلطة التغيير، وستجدون حتما الأحرار إلى جانبكم.
حدة حزام