الاقتصاديالدولي

الأزمة المصرفية الأمريكية تحدث حالة من الذعر بين المستثمرين

شهدت نهاية سنة 2022 وبداية 2023 صدور العديد من التقارير الاقتصادية الدولية حول الآفاق الاقتصادية لعام 2023، وأبرز ما يميز هذه التقارير هو إجماعها على دخول الاقتصاد العالمي سنة 2023 وما بعد ذلك في ركود وتضخم.

ويبدو أن ثمة العديد من التحديات التي تعوق تحقيق تعاف جيد للاقتصاد العالمي، في مقدمتها احتمالات عودة فيروس كورونا، وتأثير ذلك على الصين أكبر المناطق التي تعاني من آثاره السلبية، وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، من جهة تأجيج أزمتي الطاقة والغذاء.

وكان الخبير الاقتصادي العالمي، نورييل روبيني، قد حذر من أن العالم قد يشهد أزمة اقتصادية أشد من تلك التي شهدها في عام 2008، أين كان الوحيد الذي تنبأ بحدوث أزمة الرهن العقاري في 2008.

ويرى روبيني أن العالم يمر بمرحلة محفوفة بالعديد من المخاطر وعدم الاستقرار، مشيرًا إلى وجود 10 مخاطر كبرى تهدد الاقتصاد العالمي والأصول المالية ومدخرات الأفراد وثرواتهم، إضافة إلى تهديد حالة السلم العالمية التي امتدت لنحو 75 عامًا.

وخلال هذا الأسبوع، ضربت عاصفة إفلاس ثلاثة بنوك أمريكية كبرى أسواق الأسهم الأوروبية والخليجية والمصرية خلال تعاملات الاثنين، فيما افتتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في “وول ستريت” جلسة الاثنين على انخفاض وسط مخاوف من انهيارات مصرفية جديدة.

وفي ثالث انهيار مصرفي خلال أسبوع، أعلنت السلطات الأمريكية، الأحد، إفلاس بنك “سيغنتشر”، أكبر مقرض في مدينة نيويورك بموجب الائتمان للإسكان لذوي الدخل المنخفض، ليلحق بكل من “سيلفرغيت كابيتال بنك” الصديق للعملات المشفرة و”سيليكون فالي بنك” التابع لمجموعة “إس في بي فايننشال غروب”.

كما أثار الانهيار التاريخي لثاني أكبر بنك في سويسرا الرعب مجددا في أسواق العالم، وسجلت الأسهم الأوروبية، الأربعاء، أسوأ أداء يومي منذ أكثر من عام، كما تراجعت معظم أسواق الأسهم الخليجية، وافتتحت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض.

وخلال تعاملات الأربعاء، سجلت الأسهم الأوروبية أسوأ أداء في يوم واحد منذ أكثر من عام، مع استئناف عمليات بيع أسهم البنوك بعد تجدد مخاوف المستثمرين بشأن ما يتعرض له القطاع من ضغوط عقب انخفاض سهم بنك كريدي سويس إلى مستوى قياسي جديد.

وأوقفت البنوك الأوروبية التداول مع هبوط الأسهم، إذ تم إيقاف التداول على أسهم العديد من البنوك الأوروبية عدة مرات من قبل مشغلي البورصات، بما في ذلك “كريدي سويس”، و”سوسيتيه جنرال”، و”Monte dei Paschi”، و”يونيكريدت” الإيطاليون مع انخفاض الأسعار.

وفتح الانهيار الذي حدث هذا الأسبوع في أسواق الأسهم العالمية بسبب بنكين أمريكيين هما مجموعة إس في بي المالية وبنك سيغنتشر بنك بالإضافة إلى الأزمة في شركة كريدي السويسرية ، النقاش حول ما إذا كان ينبغي على البنوك المركزية الاستمرار في إستراتيجيتها المتشددة أم التراجع عنها.

وأوضح المحللون في لينك سيكيورتيز: “لقد أحدثت الأزمة المصرفية حالة من الذعر بين المستثمرين، الذين يخشون، في حال انتشار تلك الأزمة، أن تغرق الاقتصادات المتقدمة الرئيسية في الركود من حيث المبدأ، لا نعتقد أن يحدث ذلك.

ولكن ما سيحدث هو أنه من الآن فصاعدًا، ستصبح البنوك أكثر انتقائية عندما يتعلق الأمر بإستثمار التزاماتها، الأمر الذي قد ينتهي به الأمر إلى تقليص المعروض من الائتمان، في كل من أوروبا والولايات المتحدة، وبالتالي معاقبة النمو الاقتصادي.

لكن هذا الوضع هو أحد الأهداف التي سعت إليها البنوك المركزية عند تشديد سياساتها النقدية، من أجل مكافحة التضخم المرتفع”.

وأضاف هؤلاء المحللون: “نأمل أن يعمل إعلان البنك الوطني السويسري وطلب المساعدة من مجموعة كريدي السويدية على تهدئة معنويات المستثمرين في أوروبا.

 ومع ذلك، نعتقد أن انعقاد مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي سيبقي العديد من المستثمرين ينتظرون، حيث من المتوقع أن تحكم المؤسسة على ما حدث في الأسواق في الأيام الأخيرة ومحاولة طمأنة المستثمرين والمودعين. وبشكل عام، تسليط الضوء على الملاءة العالية للقطاع المصرفي الأوروبي، والتي ارتفعت جدًا بعد التغييرات التنظيمية”.

كما حذر خبراء من “الذعر المصرفي”، الذي قد يسود الولايات المتحدة، كواحد من أبرز تداعيات أزمة انهيار بنك “سيلكون فالي”، وهو ما قد يؤدي إلى تكرار سيناريو 2008.

وكان لانهيار “إس.في.بي” أصداء في أميركا وجميع أنحاء العالم، على اعتبار أن العديد من الشركات الضخمة تعتمد على هذا البنك، الذي يعد أكبر مؤسسة مصرفية تنهار بعد الأزمة المالية العالمية في عام 2008.

وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية أن “الذعر المصرفي” يبدأ حين يخشى الناس من أن تكون ودائعهم “في خطر”، مما يؤدي إلى عمليات سحب متزايدة من البنوك.

وأضافت أن الذعر المصرفي قد يصيب حتى البنوك “التي تتمتع بصحة جيدة”، مبرزة أن عمليات السحب المتزايدة تقود في النهاية إلى إفلاس العديد من البنوك والشركات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى