اساطير

إفريقيا للأفارقة بكل ألوانهم!

كنا نلوم شعوبنا في شمال افريقيا على عنصريتها اتجاه المهاجرين الأفارقة وسوء معاملتهم لهؤلاء المساكين الذين ضاقت بهم بلدانهم على شساعتها وأفقرتهم أنظمتهم الخاضعة للقوى الاستعمارية التي تنهب ثرواتها وتسجنهم في الفقر والمرض والجهل، لكن أن تخرج هذه الأيام عصابات منظمة من مهاجرين أفارقة، تهدد السكان في بيوتهم في كل من تونس والمغرب بإخلاءبيوتهم وتسليمها لهم لأنها في أرض إفريقية وإفريقيا هي للأفارقة من ذوي البشرة السوداء، أما شعوب شمال إفريقيا من غير السود فعليهم الهجرة إلى السعودية حسب قولهم لأنهم ليسوا أفارقة.

وهي ليست المرة الأولى التي يخرج فيها هذا الخطاب العنصري الخطير إلى العلن، فقد انتشرت من سنوات على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات لتحرير إفريقيا وخاصة البلدان شمال إفريقية من السكان البيض.

القضية التي أثارت ردود فعل كثيرة واضطر الرئيس التونسي، قيس سعيد، لإصدار أوامر باتخاذ اجراءات عاجلة ديبلوماسيا وأمنيا وعسكريا لاحتواء الظاهرة، التي ليست بريئة.

فقبل سنوات اشتكت الجزائر من المشاكل التي يخلفها التدفق الكبير للمهاجرين عبر ترابها وقال وقتها الوزير الأسبق، أحمد اويحيى، أن الظاهرة يراد منها تغيير التركيبة السكانية للبلاد بخلق أقليات ثم تتدخل المنظمات الدولية بدعوى الدفاع عن حقوق الانسان في شؤوننا، وهو ما حدث فعلا عندما اضطرت الجزائر إلى إعادة الآلاف من المهاجرين خارج حدودنا الجنوبية، وقتها تدخلت الأمم المتحدة وطالبت الجزائر بالتوقف عن طرد المهاجرين الأفارقة.

نعم، الظاهرة ليست بريئة بالمرة، وإلا من أين أتى هؤلاء المهاجرون بكل هذه الشجاعة والقوة ليهجموا على السكان في بيوتهم في كل من المغرب وتونس وأمرهم بمغادرة البيوت لفائدة الأفارقة السود. 

ويأتي ذلك أياما قليلة من طرد القمة الافريقية لممثلة اسرائيل من اجتماع إثيوبيا، وتزامنا أيضا مع انقلاب العديد من الأنظمة الإفريقية على التواجد الفرنسي في بلدانها وإجبار جيوشها على الانسحاب من مالي وبوركينا فاسو وغيرها؟ 

القضية في غاية الخطورة ومعالجتها يجب أن تكون وفق قوانين ضبط الهجرة المتفق عليها في إطار الاتحاد الافريقي، بعيدا عن العنصرية والهوية العرقية.فالحل يجب أن يكون أمنيا واقتصاديا عن طريق تكثيف الاستثمارات الاقتصادية والاجتماعية للبلدان التي تعاني من هجرة سكانها بسبب الفقر والحروب والنزاعات لتثبيتهم في بلدانهم بدل الهجرة المحفوفة بكل المخاطر، وهو الأمر الذي أكد عليه الرئيس، تبون، في خطابه بالقمة الإفريقية،وتخصيصه مليار دولار كاستثمارات في عدد من البلدان الإفريقية.

أما العصابات التي تريد أن تسميه باسترجاع أراضي افريقية من الاستعمار العربي، على حد قولها، فكان عليها أن تحرر البلدان التي أتت منها من بقايا الاستعمار الذي ما زال ينهب ثرواتهم ويسجنهم في الفقر والنزاعات، ومن أنظمة عميلة فاسدة وجدت لحماية المصالح الاستعمارية قبل خدمة شعوبها نظير بقائها في الحكم.

إفريقيا للأفارقة من كل الأطياف والالوان، والفوضى التي تسعى بعض العصابات زرعها في البلدان التي استضعفتها (تونس والمغرب) لأنه ليس هناك من يقدر على تهديد مواطنة جزائرية ويحاول طردها من بيتها قبل أن تقوم عليه القيامة، لن تحقق التقارب بين الشعوب الافريقية بل ستنمي فقط الكراهية والأحقاد والعنصرية المقيتة.

حدة حزام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى