أوقفوا طوفان كورونا!

سألت أحد الباعة المتجولين، لماذا لا يضع الكمامة ويعرض نفسه لخطر الإصابة بكورونا؟ فرد مستهزئا: ” أنت أمن أن كورونا كاين منها؟” وأمس في الشلف نشرت صور لعشرات الاشخاص يجلسون حول مائدة في عشاء صدقة لأحد ضحايا الوباء، بعضهم لا يرتدي الكمامة والبعض الآخر يضعها تحت لحيته، ويوميا نشاهد ونقرأ عن مثل هذه التصرفات، عبر كل الولايات، فرغم منع الأعراس والولائم، ما زال الكثيرون يخترقون إجراءات الحجر، وتتزاحم الأسواق بالباعة والزبائن في وليمة حقيقية للفيروس الذي صار يحصد بدل العشرات من المئات وقريبا الآلاف من الإصابات اليومية.
فأية استراتيجية ستنفع مع هؤلاء الانتحاريين، الذين وللأسف تسببوا بتهورهم هذا في موت العشرات من الأطباء والإطارات الطبية عبر مستشفيات البلاد التي صارت تئن تحت ضغط الانتشار المرعب للوباء، أمام قلة الامكانيات التي كان قطاع الصحة يعاني منها حتى قبل ظهور كورونا؟
فمن سيصغى لصرخة وزير الصحة عندما قال أن الخطر بلغ حدا من الخطورة ووجب الاستعداد لأي طارئ، أمام استهتار الكثيرين ممن صاروا قنابل موقوتة ناقلة للوباء في الشوارع، ولم تسلم منهم حتى أسرهم، فهناك أسر أبيدت بكاملها بسبب الوباء لا، أحد أفرادها كذب مثل هذا البائع المتجول أن هناك شيء اسمه كورونا وراح يغرف الطعام حول مائدة عرس؟
كل الإجراءات التي اتخذتها السلطة مسبقا لاحتواء الوباء لم تعد نافعة أمام المستهترين، حتى أن الشرطة صارت تلاحق الشباب الخارق للحجر عبر الشوارع، بعدما لم تنفع معهم الدعوات للالتزام بالبيوت، فهل يجب إخراج الجيش من ثكناته لإجبار الناس على الالتزام بالحجر، ولفرض التباعد الاجتماعي ومنع إقامة الأعراس والولائم؟
الاستهتار بوباء كورونا لا يقل خطورة عن الإرهاب وشبكات دعمه التي روعت البلاد طوال عشريتين من الزمن، وكنا نعول على وعي المواطنين بمخاطر الوباء القاتل التي عجزت أمامه أقوى الدول وأكثر الأنظمة الصحية نجاعة، لكن الواقع أظهر أن كل حملات التوعية ضد الوباء لم تنفع مع هؤلاء الذين يبدوا أنهم صدقوا شعارات الحراك في بداية الأزمة الصحية، ” الحراك وكورونا خاوة خاوة” مثلما صدقوا الادعاءات بأن السلطة تستغل كورونا للتضييق على المتظاهرين، وها نحن نقف على حافة انهيار المنظومة الصحية، ويقف الاطار الطبي الذي يفقد يوميا خيرة أبنائه ضحية الغباء، شبه عاجز على احتواء التسارع المربك في الإصابات.
وبما أنه لم يعد يكفي التحذير ولا نشر الأرقام المرعبة للإصابات اليومية والوفيات، لم يبق أمام السلطة إلا نشر صور من داخل المستشفيات لنقل معاناة المصابين ونقل الامكانيات على المباشر، ولا بأس أن تعمد للتهويل إذا كان سيجبر الناس على التصديق بأن الكورونا “كاين منها” على حد تعبير المستهترين، فوحده الرعب يمكن أن يجبر هؤلاء على الالتزام بالإجراءات الصحية والوقائية، فهكذا فقط يمكن أن نحد من الكارثة التي حلت بنا. السلطة ليست مسؤولة عن ارتفاع أو انخفاض أعداد المصابين أو المتوفين بكوفيد-19، لكن مسؤوليتها أن تضع حدا لهؤلاء المستهترين ولو تطلب الأمر استعمال القوة.
حدة حزام